الوصية، ويؤخذ منها الثلث، وأما الدية المأخوذة في العمد فهل تدخل في ذلك أم لا؟ اشكال، سواء قلنا بأن العمد موجب لأحد الأمرين، القصاص أو الدية، أو أن الدية إنما تثبت صلحا "، والصلح لا يتقيد بالدية، بل يصلح بزيادة منها ونقصان، فيكون القول بذلك أبعد، وظاهر الأصحاب القول بدخولها، قال في القواعد: ولو قتل خطأ أو استحق أرشا " خرجت الوصية من ثلث تركته وثلث ديته وأرشه، وكذا العمد إذا تراضوا بالدية.
وقال في المسالك بعد قول المصنف " إن وصيته ماضية من ثلث تركته وديته وأرش جراحته " ما صورته: ويظهر من قوله عليه السلام " وديته " أن الحكم مخصوص بقتل الخطأ، لأنه هو الموجب للدية على الاطلاق، وأما العمد فإن قيل:
إنه يوجب أحد الأمرين القصاص أو الدية دخل في العبارة، لأن الدية أحد الأمرين المترتبين على الوفاة المستندة إلى القتل، فكانت الدية مقارنة للوفاة، كالخطأ وإن كان لها بدل، وأما على قول المشهور، من أن موجب العمد هو القصاص، وإنما تثبت الدية صلحا "، والصلح لا يتقيد بالدية، بل يصلح بزيادة عنها ونقصان ففي دخوله في العبارة تكلف، وقد يندفع بأنه حينئذ عوض القصاص الذي هو موروث عن المجني عليه، وعوض الموروث موروث، وربما أشكل من وجه آخر وهو أن الموروث إنما هو القصاص وليس بمال، فلا يتعلق به الحق المالي المترتب على مال الميت، ويندفع بأنه بقبول المعاوضة بالصلح على مال في قوة الحق المالي وزيادة، انتهى.
أقول: الواجب هو تحقيق الحكم الشرعي في ذلك، وأنه هل تدخل دية العمد في هذا الحكم أم لا؟ سواء دخلت في عبارة المصنف أم لا، وتطويل هذا الكلام في تكلف دخولها تحت عبارة المصنف لا يجدي نفعا "، إلا مع قيام دليل على هذه القاعدة التي بنوا عليها، وهو أن المعتبر من الثلث ما كان مالا للميت حال الوفاة، دون ما تقدم عليها وما تأخر عنها، مع أنهم لم يستندوا فيه إلى دليل،