قال في المسالك: وعلى القول بكون المالك هو الواقف، فالنفقة على الموقوف عليه على الأول، وعلى الواقف على الثاني، انتهى.
وهو غير ظاهر المراد، ولعل ذلك لغلط في العبارة المذكورة وبالجملة حيث كانت المسألة خالية من النص فللتوقف فيها مجال، إلا أنه يمكن الكلام في ذلك جريا على قواعدهم بأن يقال: إنك قد عرفت آنفا " أن الأظهر هو انتقال الوقف إلى الموقوف عليه إن كان معينا، وإن كان جهة أو مصلحة فهو غير مملوك لأحد، وهو الذي عبروا عنه بأنه ملك لله سبحانه، وعلى الأول فإن مقتضى القول بالملك وجوب النفقة على المالك كما هو أحد القولين المتقدمين، وأشهرهما وأظهرهما.
وعلى الثاني فإن الظاهر أن النفقة تكون في كسبه مقدمة على حق الموقوف عليه، فإن قصر كسبه ففي بيت المال إن كان، وإلا وجبت كفاية على المكلفين كغيره من المضطرين، وأما البناء على أن نفقته على مستحق المنافع كما تقدم، فالظاهر بعده، لأن مستحق المنافع قد لا يكون له مال، من أجل ذلك كان أحد الأقوال فيه أن نفقته على نفسه، وليست على المستأجر كما تقدم تحقيق القول فيه في كتاب الإجارة على أن البناء على نقل ذلك لا يخرج عن القياس الخارج عن أصول الشريعة.
ولو مات العبد فمؤنة تجهيزه كنفقته حال حياته، ولو كان الوقف عقارا " فإنهم صرحوا بأن نفقته حيث شرط الواقف، فإن انتفى الشرط ففي غلته مقدمة على الحق الموقوف عليه، فإن قصرت لم يجب الاكمال.
أقول: ويدل على الاخراج من الغلة مقدما " على حق الموقوف عليه قول الكاظم عليه السلام (1) في حديث وقف أرضه المتقدم ذكره، " يقسم وإليها ما أخرج الله من غلتها بعد الذي يكفيها من عمارتها، ومرافقها بين ولد موسى إلى آخره " ولو عدمت الغلة لخراب الوقف واضمحلاله لم تجب عمارته، بخلاف الحيوان لوجوب صيانة روحه.