المسالك من التعليلات المذكورة، وزاد احتمال رجوع الوصية إلى الإمام عليه السلام ومرجع ما ذكرناه إلى ما ذكره من الحكم الثاني.
وأما الاشكال الذي أورده عليه فقد عرفت الجواب عنه بما ذكره، وهو الحق في المقام، والأصحاب قد ذكروا هنا في صورة البطلان أنه تنتقل الوصية إلى ورثة الوصي، وحق الكلام أن يقال إلى الموصي، لأن المفروض أن الموصى له مات في حياة الموصي، والحال أنه لا وارث له وقت موته، ومقتضى الحكم ببطلان الوصية في تلك الحال، هو الانتقال إلى الموصي، لأن ذلك مفروض في حياته وهو ظاهر هذا.
ولو كان موت الموصى له إنما وقع بعد موت الموصي، والحال أنه ليس له وارث، فيحتمل ما ذكره ابن إدريس من البطلان في صورة ما لو تعذر صرف الوصية في الوجه الموصى به، وقد عرفت ضعفه، ويحتمل أن تكون الوصية للإمام عليه السلام لأنه الوارث لمن لا وارث له، والموصى له قد ملكها واستقر ملكه عليها بالوصية وموت الموصي، ويحتمل وهو الأقرب الصدقة به عنه، لما تقدم في المسائل السابقة من صحيحة العباس بن عامر (1) " قال: سألته عن رجل أوصى له بوصية فمات قبل أن يقبضها، ولم يترك عقبا "، قال اطلب له وارثا " أو مولى فادفعها إليه، قلت: فإن لم أعلم له وليا "، قال: اجهد على أن تقدر له على ولي فإن لم تجده وعلم الله منك الجهد فتصدق بها ".
ومن هذه الرواية يعلم بعد ما احتمله في صورة البطلان من الصحة بحمل الوارث على الإمام بقوله نعم يتمشى على الاحتمال السابق إلى آخره، فإن المتبادر من اطلاق الوارث إنما هو الوارث الخاص، فما ذكره من احتمال الإمام في كلا الموضعين بعيد جدا، ولهذا لم يذكره غيره من الأصحاب كما اعترف به، والوجه فيه ما ذكرناه، والله العالم.