قال: وتشهد له رواية محمد بن ريان، ثم ساق الخبر كما قدمناه، وإنما جعله شاهدا " دون أن يجعله دليلا لضعف سنده عنده، بهذا الاصطلاح المحدث، فالدليل عنده إنما هو ما قرره من هذه الوجوه التي ذكروها، و لا يخفى ما فيه على الفطن النبيه، والأظهر هو الاعتماد على الخبر.
إما بناء على الاصطلاح القديم أو الجبرة بالشهرة بين الأصحاب، إذ لا مخالف في الحقيقة إلا ابن إدريس، والشيخ وإن قال بذلك في الحائريات، إلا أنه في كتبه موافق للأصحاب، وتجعل هذه التعليلات التي ذكروها وجوها للنص، وبيان الحكمة فيه.
ويعضد هذا النص جملة من النصوص أيضا في جزئيات الوصايا، ويستفاد من ضم بعضها إلى بعض قاعدة كلية، وهي أنه متى تعذر صرف الوصية على الوجه الموصى به لأي عذر كان، فإنها تصرف في وجوه البر، ولا ترجع إلى الورثة، لتعذر المصرف.
فمن ذلك ما ورد في جملة من الأخبار (1) " من أن من أوصى للكعبة بمال أو غلام أو جارية أو أهدى لها نحو ذلك، فإنه يصرف آمال، ويباع الغلام والجارية، ويصرف ثمنها في المنقطعين من الحاج، معللا " بأن الكعبة لا تأكل، ولا تشرب، وما أهدي لها فهو لزوارها ".
ومن ذلك ما رواه المشايخ الثلاثة (نور الله تعالى ضرايحهم) عن علي بن مزيد صاحب السابري (2) عن أبي عبد الله عليه السلام في حديث طويل يتضمن أنه أوصى رجل بتركته إلي على المذكور وأمره أن يحج بها عنه، وكانت التركة لا تبلغ ذلك، فسأل الفقهاء فأفتوه بالصدقة بها، فتصدق بها ثم لقي أبا عبد الله عليه السلام فسأله وأخبره