الثالثة: إذا تداعيا زوجة ولم يرجح بينة أحدهما لكونهما خارجتين ونكلا عن اليمين، فالطريق هنا الحكم لمن أخرجته القرعة عندهم، إذ لا سبيل إلى غيره، ويؤيده مرسلة داود بن أبي يزيد العطار (1). ولا فائدة في الإحلاف بعد القرعة هاهنا.
الرابعة: إذا تعارضت البينتان في الملك فالمشهور أنه يحصل الترجيح بالقدم والأقدم، كما لو شهدت إحدى البينتين بأنه ملكه الحال أو مذ سنة، والاخرى بأنه ملكه منذ سنة أو مذ سنتين. وعللوه بأن البينتين تعارضتا في الوقت المشترك بينهما فسقطتا فيه، والمختصة بالتقديم سلمت عن المعارض في غير الوقت المشترك، فيثبت موجبها فيه، وهو الزمان المتقدم، فيثبت حكمها الآن بموجب الاستصحاب.
وفيه: أن مناط الحكم الملك في الحال، وقد استويا فيه، ففي المسألة وجه لعدم الترجيح.
وفي المسالك: إن المسألة مفروضة فيما إذا كان المدعى في يد ثالث، فأما إذا كان في يد أحدهما وقامت بينتان مختلفتا التاريخ، فإن كانت بينة الداخل أسبق تاريخا فهو المقدم لا محالة، وإن كانت بينة الآخر أسبق تاريخا، فإن لم نجعل سبق التاريخ مرجحا فكذلك يقدم الداخل، وإن جعلناه مرجحا ففي ترجيح أيهما وعدمه أوجه:
أحدها: ترجيح اليد، لأن البينتين يتساويان في إثبات الملك في الحال، فتتساقطان فيه، ويبقى من أحد الطرفين اليد، ومن الآخر إثبات الملك السابق، واليد أقوى من الشهادة على الملك السابق، ولهذا لا تزال بها.
والثاني: ترجيح السبق، لأن مع إحداهما ترجيحا من جهة البينة ومع الاخرى ترجيحا من جهة اليد، والبينة مقدمة على اليد، فكذلك الترجيح من جهتها مقدم على الترجيح من جهة اليد.