المترجم اعتبر فيه العدالة، وهل يكفي الواحد أم لابد من اثنين؟ فيه وجهان، أحوطهما الثاني.
الرابعة: إذا شهد عند الحاكم شهود فإن عرف فسقهم رد شهادتهم، لا أعرف خلافا فيه، وإن عرف عدالتهم قبل شهادتهم بلا خلاف في ذلك أيضا، وإن لم يعرف حالهم من العدالة أو الفسق فإن لم يعرف إسلامهم أيضا فلابد من البحث حتى يظهر ذلك، ولا أعرف فيه أيضا خلافا، وإن عرف ذلك فللأصحاب فيه خلاف.
والمشهور بين المتأخرين من الأصحاب أنه لابد في الحكم بالعدالة من البحث والتفتيش عن حال الشاهد حتى يحصل الظن بعدالته، أو يكون له مزك.
وجوز بعض الأصحاب التعويل في العدالة على حسن الظاهر. وقال ابن الجنيد: كل المسلمين على العدالة إلى أن يظهر خلافها (1).
وذهب الشيخ في الخلاف والمفيد في كتاب الإشراف إلى أنه يكفي في قبول الشهادة ظاهر الإسلام مع عدم ظهور ما يقدح في العدالة (2). ومال إليه الشيخ في المبسوط (3) وهو ظاهر الاستبصار (4). بل ادعى في الخلاف الإجماع والأخبار، وقال: البحث عن عدالة الشهود ما كان في أيام النبي (صلى الله عليه وآله) ولا أيام الصحابة ولا أيام التابعين، وإنما هو شيء أحدثه شريك بن عبد الله القاضي، ولو كان شرطا لما أجمع أهل الأمصار على تركه (5).
قال الشهيد الثاني - بعد نقل القولين ونسبة القول الثاني إلى الجماعة المذكورة -:
وباقي المتقدمين لم يصرحوا في عباراتهم بأحد الأمرين، بل كلامهم محتمل لهما (6). والأقرب عندي القول الأخير، والحجة عليه مع حجة من خالف. وتمام تحقيق الكلام فيما يتعلق بالعدالة ذكرناها في كتاب شرح إرشاد الأذهان من أراد فليراجع إليه.