الطرف الثالث في الأحكام وفيه مسائل:
الاولى: لا أعرف خلافا بين العلماء في تحريم الظهار، والأصل فيه قوله تعالى: (الذين يظاهرون منكم من نسائهم ما هن امهاتهم إن امهاتهم إلا اللآئي ولدنهم وإنهم ليقولون منكرا من القول وزورا) (١).
ونقل المحقق في الشرائع قولا بأن الظهار محرم، لكن يعفى عن فاعله ولا يعاقب عليه في الآخرة (٢) لقوله تعالى بعد ذلك: (وإن الله لعفو غفور) (٣) وهو استدلال ضعيف.
الثانية: المنقول من الأصحاب وغيرهم الإجماع على أن المظاهر لا يجب عليه الكفارة بمجرد الظهار، وإنما تجب بالعود. قال الله تعالى: ﴿الذين يظاهرون من نسائهم ثم يعودون لما قالوا فتحرير رقبة من قبل أن يتماسا﴾ (4) الآية.
والكفارة مترتبة على العود، والأقرب في تفسير العود وجهان:
أحدهما: ثم يتداركون ما قالوا، لأن المتدارك للأمر عائد إليه، والمعنى: أن تدارك هذا القول وتلافيه (5) بأن يكفر حتى يرجع حالهم كما كانت قبل الظهار.
وثانيهما: أن يراد بما قالوا ما حرموه على أنفسهم بلفظ الظهار، ويكون المعنى: ثم يريدون العود للتماس، ومرجعه إلى إرادة استباحة الوطء الذي حرمه الظهار، والتصريح بهذا المعنى منقول عن جماعة من الأصحاب (6) ومذهب أكثر الأصحاب أن العود لما قالوا إرادة الوطء، ويدل عليه رواية أبي بصير (7) وصحيحة جميل بن دراج (8).