البحث الثالث (1) * في البقاع المحبوسة على الحقوق العامة كالطرق، والمساجد، والمدارس، والمساكن الموقوفة، والمقابر، والرباطات.
ففي هذا البحث أطراف:
الأول في الشوارع:
وهي: موضوعة للاستطراق، فهو منفعتها الأصلية، ويجوز الوقوف فيها والجلوس لغرض الاستراحة والمعاملة ونحوها بشرط عدم منافاته لحصول الغرض الأصلي إذا لم يكن ذلك موجبا للتضييق على المارة، للأصل واتفاق الناس على ذلك في جميع الأعصار من غير نكير. وله أن يظلل عليه في موضع جلوسه بما لا يضر بالمارة من ثوب وبارية ونحوهما، ولو بنى دكة وكان الطريق واسعا بحيث لا يضر بالمارة أصلا لم يبعد الجواز.
ولو سبق اثنان إلى موضع اقرع بينهما. ولو جلس في موضع لغرض الاستراحة وشبهها، ثم قام عنه بطل حقه. ولو جلس لغرض، ثم قام قبل استيفاء الغرض بنية العود ففي بقاء حقه قولان. ولو بقي رحله فوجهان، من عدم النص عليه بخصوصه، ومن قول أمير المؤمنين (عليه السلام) فيما روى عنه الصدوق (رحمه الله): سوق المسلمين كمسجدهم، فمن سبق إلى مكان فهو أحق به إلى الليل (2). وقد ثبت حكم الرحل في المسجد، فيكون هنا كذلك. والقطع به منقول عن جماعة منهم:
الشهيد (3). ولو طال زمان المفارقة فالظاهر زوال حقه حينئذ.
واختلفوا في جواز الجلوس فيها لعمل الصنايع والبيع والشراء ونحوه، فمنعه بعضهم مطلقا (4) استنادا إلى أن هذا انتفاع بالأرض بغير ما هي له، فكان كالانتفاع بالموقوفات الخاصة بغير ما عين له.