البحث الثالث في جواب المدعى عليه وهو إما إقرار أو إنكار أو سكوت، ففي البحث صور ثلاث:
الاولى: الإقرار، فمتى تحقق وكان المقر جامعا للشرائط المقررة في بابه لزم ما أقر به، سواء حكم الحاكم به أم لا، وهل للحاكم أن يحكم على المقر بمجرد إقراره من دون مسألة المدعي؟ فيه قولان.
وصورة الحكم أن يقول: «ألزمتك، أو قضيت عليك، أو ادفع إليه ماله» أو نحو ذلك، فإن لم يرض المحكوم له بالاقتصار على تلفظ الحاكم به والتمس أن يكتب له حجة فعل، ويكتب حلية المقر على وجه يتميز أو يكتب اسمه ونسبه إن عرفهما، أو عرفهما شاهدان ثقتان، أو عرف ذلك بالشياع الموجب للعلم على الأقوى.
وإذا ثبت عليه الحق كلف أداؤه إن كان موسرا، فإن ادعى الإعسار فلا يخلو إما أن يكون له مال سابقا وكانت الدعوى مالا كلف البينة على تلفه وإعساره، قالوا: فإن لم يقمها حبس إلى أن يتبين الإعسار، وإن لم يكن له مال سابقا ولا كانت الدعوى مالا، بل جناية أو صداقا أو نفقة قبل قوله فيه بيمينه.
وإذا ثبت إعساره إما بعلم الحاكم أو إقرار الخصم أو البينة فالمشهور بين الأصحاب أنه يخلي سبيله إلى أن يحصل له مال. ويستفاد من الشرائع أن به رواية مشهورة (1) وذكر بعض الأصحاب أنه ليس لها وجود أصلا (2).
والذي اطلعت عليه مما يمكن أن يستند إليه لهذا القول روايات ثلاث:
الاولى: صحيحة زرارة، عن الباقر (عليه السلام): لا يحبس في السجن إلا ثلاثة:
الغاصب، ومن أكل مال اليتيم ظلما، ومن ائتمن على أمانة فذهب بها، وإن وجد له شيئا باعه غائبا كان أو شاهدا (3).