يستعمله فهل يستقر الاجرة عليه أم لا؟ تردد فيه المحقق واستقرب عدم الاستقرار (1) وتبعه غير واحد من الأصحاب (2) نظرا إلى أن منافع الحر لا يدخل تحت اليد تبعا له. وقال بعضهم: لو استأجره مدة معينة فمضت زمان اعتقاله وهو باذل نفسه للعمل استقرت الاجرة (3). وهو غير بعيد.
وأما منافع الدابة فإنها يضمنها غاصبها، لأنها مال يدخل تحت اليد ويضمن منافعها بالتفويت.
فلو استأجرها لعمل معين فحبسها مدة يمكن استيفاؤه سقط حقه من المنفعة واستقرت عليه الاجرة، والظاهر أنه لا خلاف في ذلك.
وها هنا امور يوجب الضمان ولا يسمى غصبا:
فمنها: مباشرة الإتلاف، سواء كان المتلف عينا كقتل الحيوان المملوك وإحراق الثوب، أو منفعة كسكنى الدار وركوب الدابة.
ومنها: التسبيب، وهو إيجاد شيء له مدخل في تلف الشيء بحيث لا يضاف إليه التلف في العادة إضافة حقيقية، لكن من شأنه أن يقصد به ما يضاف إليه. مثاله:
حفر البئر في غير الملك وطرح المعاثر في المسالك. وإذا اجتمع السبب والمباشر فالضمان على المباشر، كمن حفر بئرا في ملك غيره عدوانا فدفع غيره فيها إنسانا، فالضمان على الدافع، وكما إذا سعى إنسان إلى ظالم بآخر فأخذ ماله، فالضمان إنما هو على الظالم وعلى الساعي الوزر، وكذا لو أمر بالقتل فباشره آخر، لكن هنا يحبس الآمر به حتى يموت. واستثني من الحكم باختصاص الضمان بالمباشر ما إذا ضعف المباشر، وله صور يأتي جملة منها في محله إن شاء الله تعالى.
والمعروف من مذهبهم أنه لا يضمن المكره المال وإن باشر الإتلاف والضمان على المكره، وحد الإكراه الرافع للضمان هاهنا ما يتحقق به الإكراه