وثانيهما: بطلان الاختصاص. ومنهم من فصل، ففرق بين المفارق في أثناء الصلاة اضطرارا وعدمه، فحكم ببقاء أولوية الأول، إلا أن يجد مكانا مساويا للأول أو أولى منه، وهو قول الدروس محتجا بأنه صلاة واحدة، فلا يمنع من إتمامها (١). وليس بشيء.
وإن لم يكن قيامه لضرورة فالمشهور سقوط حقه مطلقا، وظاهرهم عدم الفرق هنا بين من يألف بقعة ليقرأ عليه القرآن ويتعلم منه الفقه ونحو ذلك وعدمه، لعموم قوله تعالى: ﴿سواء العاكف فيه والباد﴾ (2) وفرق بعضهم فأوجب أولوية المذكورين كما في مقاعد الأسواق (3).
واشترط الشهيد في الذكرى في صورة بقاء حقه مع بقاء الرحل عدم طول المكث (4).
وحيث يبقى الحق لا يجوز لأحد إزعاجه عنه، وهل يصير أولى منه بعد ذلك؟
يحتمل ذلك، لسقوط حق الأول بالمفارقة، وعدمه للنهي، فلا يترتب عليه حق، ولعل الثاني أقرب. والوجهان آتيان في رفع كل أولوية. ويتفرع على الوجهين صحة صلاة الثاني وعدمها. ولو استبق اثنان إلى مكان معين لا يمكن الجمع بينهما فيه لعدم اتساعه اقرع بينهما.
الثالث في المدارس والمساكن الموقوفة والرباطات:
فمن سكن بيتا منها أو أقام بمكان مخصوص منها وكان متصفا بالوصف المعتبر في حصول الاستحقاق، بأن يكون مشتغلا بالعلم في المدرسة، ويكون جامعا للشرائط التي اعتبرها الواقف فهو أحق به وإن تطاولت المدة، إلا مع اعتبار الواقف زمانا محدودا.