أبي بصير ومحمد (1) وموثقة منصور بن حازم (2) ودلالة الروايتين على مطلوبهم غير واضحة، فلابد من حملهما على معنى لا يخالف الأخبار المذكورة جمعا.
ويجوز للموصي الرجوع في الوصية ويتحقق بفعل أو قول يدل على الرجوع صريحا أو بانضمام قرينة دالة على ذلك، فلو باع الموصى به أو وهبه أو رهنه كان رجوعا، والظاهر أنه يرجع في مثل العرض على البيع أو على غيره من التصرف الموجب للخروج عن الملك إلى القرينة.
ولو تصرف فيه تصرفا أخرجه عن مسماه - كما لو أوصى له بحنطة معينة فطحنها، أو بدقيق فعجنه، أو بقطن فغزله، أو بدار فهدمها - فالظاهر أنه رجوع إلا أن تدل القرينة على خلافه، وكذا لو خلط مثل الزيت بغير جنسه، ولو خلطه بجنسه فالأقرب أنه كذلك، ويفهم من بعضهم الفرق بين الخلط بالأجود وغيره واختصاص الحكم بالأول.
وهذه الأحكام مختصة بصورة تعيين الموصى به، فلو أوصى بحنطة مطلقا ثم طحن ما عنده لم يكن ذلك رجوعا، ومن الأصحاب من أطلق الحكم (3). ومنهم من عكس (4) وهو بعيد جدا. ولو أوصى بخبز فدقه فتيتا أو جعل القطن محشوا في فراش أو جفف الرطب أو قدد اللحم ففي كونه رجوعا إشكال.
الثاني في الموصي ويشترط فيه العقل، فلا يصح من المجنون، وبلوغ عشر على الأشهر الأقوى، فإن بلغه مميزا جازت وصيته في وجوه المعروف لأقاربه وغيرهم، لصحيحة عبد الرحمن بن أبي عبد الله (5) وصحيحة أبي بصير (6) وموثقة منصور بن حازم (7).