قال في المسالك: واعلم أن إطلاق الأصحاب والأخبار يقتضي عدم الفرق في التحمل والأداء بين كونه في بلد الشاهد وغيره مما يحتاج إلى سفر، ولا بين السفر ا لطويل والقصير مع الإمكان، هذا من حيث السعي، أما المؤنة المحتاج إليها في السفر من المركوب وغيره فلا يجب على الشاهد تحملها، بل إن أقام به المشهود له، وإلا سقط الوجوب، فإن الوجوب في الأمرين مشروط بعدم توجه ضرر على الشاهد غير مستحق، وإلا سقط الوجوب. واحترز بالمستحق عما لو كان للمشهود عليه حق على الشاهد يناقشه عليه على تقدير الشهادة ويمهله به أو يسامحه بدونها، فلا يعد ذلك عذرا، لأنه مستحق مع قدرته على الوفاء لا بدونه (١).
الفصل الثاني في الشهادة على الشهادة:
وفيه مسائل:
الاولى: لا أعرف خلافا بين الأصحاب في قبول الشهادة على الشهادة مرة واحدة في غير الحدود، واتفاقهم على ذلك منقول في كلامهم، ويدل عليه عموم الأدلة كقوله تعالى: ﴿وأقيموا الشهادة لله﴾ (٢) وقوله تعالى: ﴿واستشهدوا شهيدين من رجالكم﴾ (3) وعموم الأخبار، وخصوص رواية محمد بن مسلم - بإسناد لا يبعد أن يكون صحيحا - عن الباقر (عليه السلام): في الشهادة على شهادة الرجل وهو بالحضرة في البلد؟ قال: نعم، ولو كان خلف سارية [يجوز ذلك] إذا كان لا يمكنه أن يقيمها لعلة تمنعه من أن يحضر ويقيمها، فلا بأس بإقامة الشهادة على شهادته (4).
وصحيحة صفوان بن يحيى (5) ورواية عمرو بن جميع (6) وغيرها.