فإنه يلقن على أهله أن لا يتعلق قلوبهم بغير الله، ويروا أن ربهم هو المالك الذي يملك كل شئ، فلا يستقل شئ إلا به، ولا يقصد شئ إلا له.
وهذا الإنسان لا يرى لنفسه في الدنيا إلا السعادة: بين ما كان فيه سعادة روحه وجسمه، وما كان فيه سعادة روحه محضا، وأما ما دون ذلك فإنه يراه عذابا ونكالا، وأما الإنسان المتعلق بهوى النفس ومادة الدنيا فإنه وإن كان ربما يرى ما اقتناه من زينة الدنيا سعادة لنفسه وخيرا ولذة، فإنه سوف يطلع على خبطه في مشيه، وانقلبت سعادته المظنونة بعينها شقاوة عليه، قال تعالى:
* (فذرهم يخوضوا ويلعبوا حتى يلاقوا يومهم الذي يوعدون) * المعارج: 42، وقال تعالى: * (لقد كنت في غفلة من هذا فكشفنا عنك غطاءك فبصرك اليوم حديد) * ق: 22، وقال تعالى:
* (فأعرض عمن تولى عن ذكرنا ولم يرد إلا الحياة الدنيا ذلك مبلغهم من العلم) * النجم: 30، على أنهم لا يصفو لهم عيش إلا وهو منغص بما يربو عليه من الغم والهم.
ومن هنا يظهر: أن الإدراك والفكر الموجود في أهل الله وخاصة القرآن غيرهما في غيرهم مع كونهم جميعا من نوع واحد هو الإنسان، وبين الفريقين وسائط من أهل الإيمان ممن لم يستكمل التعليم والتربية الإلهيين.
فهذا ما يتحصل من كلامه تعالى في معنى العذاب، وكلامه تعالى مع ذلك لا يستنكف عن تسمية الشقاء الجسماني عذابا، لكن نهايته أنه عذاب في مرحلة الجسم دون الروح، قال تعالى حكاية عن أيوب (عليه السلام): * (أني مسني الشيطان بنصب وعذاب) * ص: 41، وقال تعالى: * (وإذا أنجيناكم من آل فرعون يسومونكم سوء العذاب يقتلون أبناءكم ويستحيون نساءكم وفي ذلكم بلاء من ربكم عظيم) * الأعراف: 141، فسمى ما يصنعون بهم بلاء وامتحانا من الله وعذابا في نفسه لا منه سبحانه (1).
(انظر) الكبر: باب 3444.
حديث 3895، 3896.
[2569] تعذيب الناس الكتاب * (حتى إذا بلغ مغرب الشمس وجدها تغرب في عين حمئة ووجد عندها قوما قلنا يا ذا القرنين إما أن تعذب وإما أن تتخذ فيهم حسنا قال أما من ظلم فسوف نعذبه ثم يرد إلى ربه فيعذبه عذابا نكرا) * (2).
* (فأتياه فقولا إنا رسولا ربك فأرسل معنا بني إسرائيل ولا تعذبهم قد جئناك بآية من ربك والسلام على من اتبع الهدى) * (3).
- رسول الله (صلى الله عليه وآله): يقال للرجال يوم القيامة:
اطرحوا سياطكم وادخلوا جهنم (4).
- عنه (صلى الله عليه وآله): يقال للجلواز يوم القيامة: ضع سوطك وادخل النار (5).