وبالالتجاء إلى الله سبحانه والاعتصام به بقرآن يتلوه أو دعاء يدعو به إن لم يقو عليه بنفسه.
وحمل بعضهم هذه الروايات المسلمة لنحوسة بعض الأيام على التقية، وليس بذاك البعيد، فإن التشاؤم والتفاؤل بالأزمنة والأمكنة والأوضاع والأحوال من خصائص العامة يوجد منه عندهم شئ كثير عند الأمم والطوائف المختلفة على تشتتهم وتفرقهم منذ القديم إلى يومنا، وكان بين الناس حتى خواصهم في الصدر الأول في ذلك روايات دائرة يسندونها إلى النبي (صلى الله عليه وآله) لا يسع لأحد أن يردها كما في كتاب المسلسلات بإسناده عن الفضل بن الربيع قال: " كنت يوما مع مولاي المأمون فأردنا الخروج يوم الأربعاء، فقال المأمون: يوم مكروه سمعت أبي الرشيد يقول: سمعت المهدي يقول: سمعت المنصور يقول: سمعت أبي محمد بن علي يقول: سمعت أبي عليا يقول: سمعت أبي عبد الله بن عباس يقول: سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله) يقول: إن آخر الأربعاء في الشهر يوم نحس مستمر ".
وأما الروايات الدالة على الأيام السعيدة من الأسبوع وغيرها فالوجه فيها نظير ما تقدمت اليه الإشارة في الأخبار الدالة على نحوستها من الوجه الأول، فإن في هذه الأخبار تعليل بركة ما عده من الأيام السعيدة بوقوع حوادث متبركة عظيمة في نظر الدين كولادة النبي (صلى الله عليه وآله) وبعثته وكما ورد أنه (صلى الله عليه وآله) دعا فقال: " اللهم بارك لامتي في بكورها يوم سبتها وخميسها "، وما ورد أن الله ألان الحديد لداود (عليه السلام) يوم الثلاثاء، وأن النبي (صلى الله عليه وآله) كان يخرج للسفر يوم الجمعة، وأن الأحد من أسماء الله تعالى.
فتبين مما تقدم على طوله أن الأخبار الواردة في سعادة الأيام ونحوستها لا تدل على أزيد من ابتنائهما على حوادث مرتبطة بالدين توجب حسنا وقبحا بحسب الذوق الديني أو بحسب تأثير النفوس، وأما اتصاف اليوم أو أي قطعة من الزمان بصفة الميمنة أو المشأمة واختصاصه بخواص تكوينية عن علل وأسباب طبيعية تكوينية فلا، وما كان من الأخبار ظاهرا في خلاف ذلك فإما محمول على التقية أو لا اعتماد عليه.
2 - في سعادة الكواكب ونحوستها وتأثير الأوضاع السماوية في الحوادث الأرضية سعادة ونحوسة: الكلام في ذلك من حيث النظر العقلي كالكلام في سعادة الأيام ونحوستها، فلا سبيل إلى إقامة البرهان على شئ من ذلك كسعادة الشمس والمشتري وقران السعدين ونحوسة المريخ وقران النحسين والقمر في العقرب.
نعم كان القدماء من منجمي الهند يرون للحوادث الأرضية ارتباطا بالأوضاع السماوية مطلقا أعم من أوضاع الثوابت والسيارات، وغيرهم يرى ذلك بين الحوادث وبين أوضاع السيارات السبع دون الثوابت، وأوردوا لأوضاعها المختلفة خواص وآثارا تسمى بأحكام النجوم يرون عند تحقق كل وضع أن يعقب وقوع آثاره.