وكمال معرفته التصديق به، وكمال التصديق به توحيده، وكمال توحيده الإخلاص له، وكمال الإخلاص له نفي الصفات عنه، لشهادة كل صفة أنها غير الموصوف، وشهادة كل موصوف أنه غير الصفة، فمن وصف الله سبحانه فقد قرنه، ومن قرنه فقد ثناه، ومن ثناه جزأه، ومن جزأه فقد جهله، ومن جهله فقد أشار إليه (1)، ومن أشار إليه فقد حده، ومن حده فقد عده، ومن قال:
" فيم؟ " فقد ضمنه، ومن قال: " علام؟ " فقد أخلى منه، كائن لا عن حدث، موجود لا عن عدم، مع كل شئ لا بمقارنة، وغير كل شئ لا بمزايلة، فاعل لا بمعنى الحركات والآلة، بصير إذ لا منظور إليه من خلقه، متوحد إذ لا سكن يستأنس به ولا يستوحش لفقده (2).
- عنه (عليه السلام): الحمد لله الذي بطن خفيات الأمور، ودلت (ذلت خ ل) عليه أعلام الظهور، وامتنع على عين البصير، فلا عين من لم يره تنكره، ولا قلب من أثبته يبصره، سبق في العلو فلا شئ أعلى منه، وقرب في الدنو فلا شئ أقرب منه، فلا استعلاؤه باعده عن شئ من خلقه، ولا قربه ساواهم في المكان به، لم يطلع العقول على تحديد صفته، ولم يحجبها عن واجب معرفته، فهو الذي تشهد له أعلام الوجود على إقرار قلب ذي الجحود، تعالى الله عما يقوله المشبهون (المشتبهون) به والجاحدون له علوا كبيرا (3).
- عنه (عليه السلام): الحمد لله الذي أعدم الأوهام أن تنال إلى وجوده، وحجب العقول أن تختال ذاته، لامتناعها من الشبه والتشاكل، بل هو الذي لا تتفاوت ذاته، ولا تتبعض بتجزية العدد في كماله، فارق الأشياء لا باختلاف الأماكن، ويكون فيها لا على الممازجة، وعلمها لا بأداة لا يكون العلم إلا بها، وليس بينه وبين معلومه علم غيره كان عالما لمعلومه، إن قيل: كان، فعلى تأويل أزلية الوجود، وإن قيل: لم يزل فعلى تأويل نفي العدم (4).
(انظر) البحار: 77 / 381.
- عنه (عليه السلام): ما وحده من كيفه، ولا حقيقته أصاب من مثله، ولا إياه عنى من شبهه، ولا صمده من أشار إليه وتوهمه، كل معروف بنفسه مصنوع، وكل قائم في سواه معلول، فاعل لا باضطراب آلة، مقدر لا بجول فكرة، غني لا باستفادة، لا تصحبه الأوقات ولا ترفده الأدوات...
الذي لا يحول ولا يزول، ولا يجوز عليه الأفول... لا تناله الأوهام فتقدره، ولا تتوهمه الفطن فتصوره، ولا تدركه الحواس فتحسه، ولا تلمسه الأيدي فتمسه، ولا يتغير بحال، ولا يتبدل في الأحوال، ولا تبليه الليالي والأيام، ولا يغيره الضياء والظلام، ولا يوصف