عموم أوفوا بالعقود (1) إذ العقد إن كان بمعنى العهد فالقلبي أيضا عهد، وإن كان بمعنى الربط فهو أيضا ربط.
والجواب: أن العقد - كما مر - هو العهد المؤكد، وما لم يقترن النية بما يدل عليه لم يكن مؤكدا، مع إمكان منع تسميته عهدا، مضافا إلى كون ما ذكرناه من الأدلة موجبا للشك في دخوله تحت العموم، بل مخرجا عنه.
وأما على تقدير انصراف العقد إلى المتعارف فالجواب واضح.
والثالث: أن الألفاظ لا ريب أنها (2) كاشفة عن المقصود ومبينة للمعاني، وليست معتبرة إلا من باب المقدمة، ففي الحقيقة ليس السبب إلا المعاني، والألفاظ لا دخل لها في السببية، فإذا علم حصول ما هو المؤثر حقيقة فلا حاجة إلى ما عداه.
والجواب: أنا لا نسلم كون المؤثر (3) حقيقة هو القصد، والمسلم إنما هو كونه العمدة في التأثير والركن الأعظم، وهو غير مانع من انضمام جزء آخر إليه.
وإن شئت مراعاة التنظير والتشبيه الذي يرشدك إلى هذا المعنى - حيث إن الاستدلال مبني على نحو من الاستحسان - فنقول معارضة له بمثله: إنا نرى أن الشارع في العبادات اعتبر مباشرة البدن بقول أو فعل ولم يكتف بمجرد القصد وعقد القلب إلا مع تعذر البدن، كالأخرس العاجز عن التكلم والمريض الذي لا يقدر إلا على محض الأخطار بالبال، وفيما عدا ذلك اعتبر انضمام القول والفعل بالنية (4) حتى في الاعتقادات وأصول الدين التي لا دخل لها بالعمل الظاهري لم يكتف بمجرد الاعتقاد القلبي، وإلا فهو حاصل لكل جاحد ومعاند، بل أراد ضم القول والفعل، فلا شبهة في أن الشارع لم يعتبر مجرد الإنشاء القلبي العاري عما يدل عليه من لفظ أو فعل علامة وسببا لشئ.
ففي المعاملات ينبغي أن يكون الاهتمام أزيد، لابتنائها على المغابنة