بالتبعيض، إذ هو معنى غير هذا المعنى، وذلك نظير ما إذا بنى البائعان على أن للبيع كل منهما فرسه بالاخر وتواطئا عليه، فقال أحدهما: بعتك فرسي بخمسة فقبل الاخر، ثم امتنع الاخر عن البيع، وهذا لا يضر بصحة البيع الأول وإن كان قاصدا أنه أيضا يبيع، لكن لم يكن من قوله: (بعت) قاصدا بشرط أن تبيع.
وثالثا: أنه لو سلم كون ذلك هو المقصود قد ذكرنا: أن المراد بالقصود هي القصود المدلول عليها بظاهر عبارة، لا القصد المحض، بمعنى أن اللفظ بلا قصد لا يكفي، لا أن كل قصد بغير دال يمضى، وقد ذكرنا: أن التعلق بالمجموع في اللفظ ليس دالا على قصد عدم الانفكاك، بل هو لو لم يكن ظاهرا في قصد كل جزء - كما قررناه - فليس ظاهرا في قصد الارتباط قطعا، ولو صرح به في اللفظ دخل تحت الشرط، ونحن نلتزم بذلك حيث صرح كما مر، فلا تذهل (1).
ورابعا: نفرض الكلام في صورة ما كان قاصدا للاستقراء وبحيث لا يكون هناك قصد مناف، فإنه لا ريب في انحلاله حينئذ إلى العقود بمقتضى الأدلة السابقة، ولا يعارضه قاعدة القصد - وإن كان فيه كلام من جهة أخرى تأتي - فإذا تم انحلاله في هذه الصورة لوجود المقتضي وانتفاء المانع لزم الانحلال في غيره بعدم القول بالفرق، إذ كل من قال بالانحلال لم يفرق بين ما كان قاصدا للعموم أو لم يكن، فتبصر.
الخامس: أنه لا ريب أن العقد مقتض لانتقال هذا المتعلق بجميع أجزائه وليس له مانع، فإذا كشف عن عدم انتقال بعض الأجزاء لمانع يقع الشك في أن انضمام هذه الأجزاء شرط أو فقدان بعضها مانع؟
فنقول: الأصل عدم المانعية وعدم الشرطية، إذ ذلك إما من جعل الشارع ابتداءا ولا دليل عليه بل الدليل على خلافه موجود، وإما من جعل المكلف المستلزم لإمضاء الشرع وهو أيضا فرع الاشتراط أو دلالة ظاهر اللفظ، وقد عرفت انتفاء الثاني وفرض عدم الأول.