والغرض من توجيه الخطاب واسقاطه بالإسلام: إما الحث والترغيب عليه لكونه مقدمة وشرطا للتكاليف فينبغي أن لا يترك. وإما أنه لو لم يسلم ولم يأت به فيعاقب على الفروع أيضا لمخالفته لها كالأصول. وإما أنه لو أسلم بقصد الإتيان للتكاليف والامتثال يصير مثابا من جهتين: إحداهما من جهة الإسلام المأمور به مستقلا، وثانيتهما: من جهة كونه توطينا للفروع، وإن سقط عنه حينئذ ما مضى من التكاليف، فلا تذهل.
وما يقال: إنه لو وجب لوجب قضاؤه عليهم وليس كذلك، ممنوع بأن القضاء بالفرض الجديد على المختار، ولعل خطاب القضاء لا يشملهم، ولا ملازمة بين وجوب أصل الفعل وقضائه، ولو سلم الملازمة هنا نقول: مكلفون بالقضاء أيضا كسائر التكاليف وسقوطه عنهم بالإسلام لأحد الوجوه السابقة.
وقد اعتمد من ذهب إلى عدم التكليف بما ورد في بعض الأخبار أن التكاليف بعد الإسلام.
منها: ما رواه بعض مشايخنا ووصفه بالصحة: من آمن بالله وبمحمد رسول الله صلى الله عليه وآله واتبعه وصدقه، فإن معرفة الإمام هنا (1) واجبة عليه، ومن لم يؤمن بالله ورسوله ولم يتبعه ولم يصدقه ولم (2) يعرف حقهما فكيف يجب عليه معرفة الإمام وهو لا يؤمن بالله ورسوله ويعرف حقهما؟ (3).
وهذه الرواية لا دلالة فيها على المطلوب، لأن معرفة الإمام أولا ليس من الفروع المبحوث عنها وإن كان مما أمر بها النبي صلى الله عليه وآله. وثانيا: أن المراد لو كان ترتيبا في الطلب لزم كون معرفة الإمام بعد سائر الأفعال والفروع، لأن اتباع النبي صلى الله عليه وآله: الإتيان بما أتى به وترك ما تركه، وليس كذلك، بل المراد منه الترتيب في المطلوب، بمعنى كون معرفة الله والرسول مطلوبة قبل معرفة الإمام، لا أن (4)