ممتنع. وممتنعة بعد الاسلام أيضا، لما مر من قاعدة كون الإسلام مسقطا لما قبله (1) فإذا كان كذلك فلا يمكن صدور العمل من الكافر على وجه يوافق الأمر أصلا، بل إما الشرط منتف وإما الأمر منتف، فلا معنى لقولنا: الكافر مكلف بالفروع، مع عدم جواز التكليف بما لا يطاق عندنا وعند أكثر العقلاء، ولو لم يكن ممتنعا على تقدير الإسلام فهو لغو قطعا، إذ طلب الفعل على تقدير لو أريد الإتيان به على ذلك الفرض لسقط الخطاب خال عن الفائدة بالمرة.
وحله أن يقال: إن الكافر في حال كفره أيضا لا يمتنع منه العبادة، لأن (حال الكفر) معنى مغاير لقولنا: (بشرط الكفر) وعدم إرادته الإسلام الذي هو من إحدى المقدمات يوجب امتناعه بالاختيار، وهو غير مناف لمقدورية أصل الفعل بذاته، فالكافر في حال كفره قادر على إتيان المأمور به ولو بواسطة المقدمة المقدورة وهو الإسلام، والمقدور بالواسطة مقدور، كيف! ولو بنى المسألة على أن ما انتفى شرطه في الوجود الخارجي فالتكليف به ممتنع لم يكن للتكليف موقع بالمرة، إذ ما من شئ يؤمر به إلا وشرط من شرائط وجوده منتف في الخارج، وإلا لكان موجودا.
والسقوط بعد الإسلام لا يوجب اللغوية والامتناع، لأنا نقول أولا: في الموسعات التي قد مضى من الوقت مقدار الأداء بشرائطه وهو كافر فأسلم مع بقاء الوقت، فقد مر في بحثه أن هذا محل إشكال، فنقول: إن هذا لم يسقط فيأتي به، وهو كان مكلفا به أيضا في أول الوقت، وليس كل تكليف ساقطا على فرض الإسلام في كل وقت.
وثانيا: في التكاليف المالية الصرفة قد مر أن الإسلام لا يجبها.
وفي العبادات التي تسقط بالإسلام أيضا نقول: أما في الموسعات فلا بحث، لما أشرنا إليه، والتكليف فيها في محله. وأما المضيق أو خطاب القضاء بعد الفوات، فنقول: ليس المراد بالتكليف فيه طلب الفعل حقيقة، بل المراد: الابتلاء والامتحان ،