وخامسها: دعوى تنقيح المناط وعدم الفرق بين ما دل فيه النص على السماع كما في حسنة زرارة في باب كون الحيض والعدة للنساء متى ادعت صدقت (1)، وبين غيره، إذ نحن نعلم أنه أن العلة ليس إلا عدم إمكان الاطلاع حتى يمكن الأثبات بالبينة، وهو موجود في غير مورد النص، والفارق ملغى.
وسادسها: ما ورد صريحا في بعض روايات المسألة من التعليل بأنه لا يستطيع أن يشهد عليه - على ما رواه بعض مشايخنا المعاصرين (2) - وإن لم أعثر عليه في كتب الأخبار لقلة التتبع، فإن هذا التعليل بمنزله القضية الكلية في سماع قول المدعي في كل مقام لا يستطيع الأشهاد عليه، وهو الذي نعبر عنه بأنه (شئ لا يعلم إلا من قبله).
ووجه عدول الأصحاب عن هذه العبارة بتلك العبارة (3) أن ليس عدم استطاعة المح عي هو الداعي إلى قبول قوله، لأنه ربما تكون البينة غير موجوح ة من الأصل أو ميتة (4) - أو نحو ذلك - ولا يقبل فيه قوله، بل المراد: كون الدعوى مما لا يستطاع إقامة البينة عليها أصلا في حد ذاتها، ولذلك عبروا بأنه شئ لا يعلم إلا من قبله، فكيف يطلع عليه غيره؟ فتدبر.
وسابعها: أن سماع قول المنكر بيمينه ليس إلا من جهة كون دعواه راجعة إلى النفي في مقابل دعوى المدعي الأثبات، والنفي مما لا يمكن الأشهاد عليه إلا في مقام يرجع إلى الأثبات، فينبغي أن يكون المدعي أيضا إذا ادعى شيئا لا يمكن الأشهاد عليه يقبل قوله بيمينه، فتأمل.
إذا عرفت هذا، فنقول: لا ريب أن سماع قول المدعي فيما لا يمكن الأشهاد