دخل له بالمالك (1) الأول، فلا وجه للحكم بالضمان. وكذا لو كان الفساد من جهة هي لا تضر بالمعاطاة، كعدم ذكر أجل النسيئة ونحو ذلك في وجه.
والدفع: أن اللفظ لم يكن مؤثرا على ما هو المفروض، وكونه معاطاة إنما هو في صورة قصد (2) النقل والانتقال بالتعاطي، والفرض أنهما قصداه باللفظ، فما قصد تأثيره لم يؤثر، وما لم يقصد تأثيره لا يكون مؤثرا، وهو المدعى.
وثانيها: أن من جملة صور المسألة: ما لو كان الدافع عالما بالفساد والقابض جاهلا، ولا وجه في هذه الصورة لتضمين القابض، نظرا إلى أنه مغرور من قبل الدافع، وقد مر أن المغرور يرجع على الغار، فلا وجه للرجوع بالعكس.
والجواب: أن التعليم غير واجب، وذلك ليس تغريرا من الدافع، بل هو تقصير من قبل الاخذ في تعلم الأحكام، فهو قد تغرر بنفسه، بخلاف الغرور في الموضوعات، فإنه غرور، وهنا قد اغتر من تقصيره.
وثالثها: أن الدفع لما كان بإذن المالك فينبغي دخوله تحت الأمانات المخرجة عن الضمان.
ودفعه: بأن عدم كون الفرض من الأمانات الشرعية واضح، إذ هي مشروطة بعدم اطلاع المالك وإذن الشارع، وكلاهما منتفيان.
وأما الأمانة المالكية: فهي فرع الإقباض على طريق الاستئمان أو الإحسان، وهما منتفيان، والأذن قد تقيد بالمعاوضة وهي قد فسدت، فيرتفع الأذن.
ودعوى: أن الإذن هنا ينحل إلى إذنين: إذن على تقدير المعاوضة وإذن في التصرف كيف كان، ينافيها الوجدان حتى في صورة العلم بالفساد أيضا، فإن الأذن هناك أيضا مقيد ببقاء المعاوضة الصورية، فإذا بني الأمر على المراجعة فكل منهما يرجع إلى صاحبه من دون فرق. نعم، هنا كلام في كون الضمان بالمسمى أو بالقيمة في كل شئ بحسبه، وهو كلام آخر يأتي إن شاء الله تعالى في كيفية الضمان، فارتقب