أخرى: بين قبض الجارحة وبين التسلط عموم من وجه، إذ قد يكون الإنسان مسلطا على شئ ولا يكون مقبوضا بيده، كالتسلط على العقارات والحيوانات ونحو ذلك. وقد يكون مقبوضا بيده ولا يكون له استيلاء عليه كما لو كان في يده مع كون المالك قاهرا قادرا بحيث يضمحل ذلك في جنبه ولا يتمكن من التصرف فيه بوجه، ولا يعد متسلطا عليه أصلا. وقد يجتمع الأمران، وذلك واضح.
فنقول: أما صورة كون القابض غير مسلط: فلا بحث في خروجه (1) عن اليد، لأن المتبادر منه (2) أنه كناية عن التسلط، ولو كان على معناه الأصلي أيضا لكان المتبادر منه القبض باليد على نحو له اقتدار عليه، سيما بعد ملاحظة قوله: (ما أخذت) فإن له ظهورا في الاستيلاء، حتى أن جماعة ادعوا ظهوره في الغصب والعدوان - كما سيأتي - مضافا إلى ضم قوله: (حتى تؤدي) فإن الظاهر منه كون اليد قادرة على المنع والدفع، ولا يكون ذلك إلا بالاستيلاء، ومن هنا ذكروا عدم الضمان فيما لو قبض بيده ثوبا لبسه صاحبه - ونظائر ذلك - فإنه ليس داخلا تحت دليل اليد.
وأما مادة الاجتماع: فلا ريب في دخوله (3) تحت الرواية، فإن ذلك شئ في اليد مع الاستيلاء عليه.
وأما ما تحقق فيه الاستيلاء بدون قبض الجارحة: فدخوله تحت الخبر إنما هو بظهور عدم إرادة خصوص اليد في المقام، فإنه لو كان قابضا برجله أو بفمه أو بآلة أخرى لكان الحكم كذلك، ويبعد الركون في ذلك كله إلى الإجماع الخالي عن مستند لفظي، مضافا إلى كفاية فهم العرف هنا المثالية، وفهم الأصحاب كذلك، ومتى ما لم يرد خصوص المعنى الحقيقي للقطع به فلا معين لغيره من الخصوصيات، بل المعنى الشائع المتعارف في المجاز في اليد هو التسلط - كما