منحصر فيهما، وكل أحد مسلط على حقه فإذا جاز كل منهما عن حقه فلا يعارضهما أحد في ذلك.
مدفوع: بأن كون الحق لهما لا يقتضي تسلطهما على رفع السبب الشرعي إلا بشئ جعله الشارع رافعا كما في النكاح، فإنه لا ريب أن الحق للزوجين لا يعارضهما فيه معارض، ومع ذلك لو تقايلا وتفاسخا لا ينفعهما في إبطال أثر النكاح، فلابد من إثبات كون الفسخ والتراضي مزيلا لهذا الأثر، وهو على خلاف القاعدة.
ويمكن أن يقال: إن العمدة في أدلة لزوم العقد وعدم ارتفاعه بالفسخ، إنما هو عموم أوفوا بالعقود فإنه دال على اللزوم الذي لا يرتفع بفسخهما أو أحدهما، ولا ريب أن الظاهر من هذه الآية بعد كون الارتباط مأخوذا في مفهوم العقد كون لزوم الوفاء من أحد الجانبين مرتبطا بالاخر كما ذكرناه في باب التقابض مع الامتناع، فإذا جاء الارتباط نقول: إذا بنيا (1) على عدم الوفاء فلا يجب على أحد منهما الوفاء، لأن الوجوب على البائع فرع وفاء المشتري وبالعكس، فإذا بنى البائع على الفسخ لا يجب الوفاء على المشتري، وإذا بنى المشتري على الفسخ لا يجب الوفاء على البائع، فإذا تراضيا على الفسخ لا يجب الوفاء على أحد منهما، فلا وجه لبقاء اللزوم فتصير الإقالة فاسخة في العقود كلها إلا ما أخرجه الدليل.
أو نقول: إن الظاهر من عموم أوفوا بالعقود أن لزوم الوفاء على أحدهما إنما هو لحق الاخر.
وبعبارة أخرى: الظاهر أن هذا الأمر توصلي والغرض منه عدم ضياع حق المتعاقدين فإنهما مع تراضيهما على العقد لكل منهما جهة مقصودة منه يريد حصولها، ولا وجه لتضييع ذلك، ولذلك أمر الشارع بالعمل بمتقضاه حتى لا يضيع حق أحد منهما، ولكنه بعد تراضيهما على التقايل والتفاسخ فقد رفع اليد كل منهما عن حقه، والناس مسلطون على حقوقهم، فلا وجه لبقاء اللزوم. وبعبارة أخرى: