وقال أبو الصلاح: إذا أوصى لكافر لا رحم بينه وبينه على جهة الصدقة الواجبة أو المسنونة لم تمض الوصية، وإن كان ذا رحم مضت إذا كانت تبرعا بصلته ولا تمضي الواجبة بحال، فإن أطلق الوصية للكافر والأجنبي ولم يجعلها صدقة أو صرح بكونها مكافأة على مكرمة دنيوية أو مبتدئا بها فهي ماضية (1).
وقال ابن إدريس: الوصية تصح للكافر، سواء كان ذا رحم أو غير ذلك، لأنها عطية بعد الموت، وليس من شرطها نية القربة ولا من مصححاتها. وقال بعض أصحابنا: إن الوصية للكافر لا تصح، إلا أن يكون ذا رحم للموصي (2).
والوجه صحة الوصية للذمي خاصة، لأصالة الصحة والجواز. ولأنها نوع عطية، فلا فرق بين وقوعها حال الحياة وبعد الوفاة، بل الأول أقوى في العطية.
لا يقال: ينتقض بالحربي حيث جازت الهبة له دون الوصية.
لأنا نقول: الفرق إن ملك الحربي غير لازم، وماله غير معصوم، ولا يجب دفع ماله إليه، بل يجوز الاستيلاء عليه، بخلاف الذمي. ولو جازت الوصية للحربي لكان إما أن يجب على الموصي الدفع إليه - وهو محال، لما تقدم - أو لا، وهو المطلوب، إذ معنى بطلان الوصية عدم وجوب التسليم.
وما رواه محمد بن مسلم، عن أحدهما - عليهما السلام - في رجل أوصى بماله في سبيل الله، قال: إعط لمن أوصى له وإن كان يهوديا أو نصرانيا، إن الله يقول: " فمن بدله بعد ما سمعه... الآية " (3).