وليس من شرط صحتها اتصال المدة (1) بالعقد، ولا أن يذكر الاتصال بالعقد لفظا، على ما يذهب إليه بعض المخالفين، وقاله شيخنا أبو جعفر، في مبسوطه (2)، ولم يذكر هل هو قولنا أو قول غيرنا؟ فلا يظن ظان أن ذلك قول لأصحابنا.
إذا استأجر على قلع ضرسه، ثم بدا له، فلا يخلو من أحد أمرين: إما (3) أن يكون زال الوجع، أو يكون الألم باقيا، فإن كان بحاله، فإنه لا يملك فسخ الإجارة، ولكن يقال له: قد استأجرته على استيفاء منفعة، وأنت متمكن من استيفائها، فأما أن تستوفي منه ذلك، وإلا إذا مضت مدة يمكنه أن يقلع ذلك، فإنه قد استقر له الأجرة، كمن استأجر دابة ليركبها إلى بلد، وسلمها إليه، فلم يركبها، فإنه يقال له: أنت متمكن من استيفاء المنفعة بأن تركب وتمضي، فأما أن تستوفي، وإلا إذا مضت مدة يمكنك أن تستوفيها، فقد استقر عليك الأجرة، وكذلك إذا استأجر دارا، فسلمت إليه، يقال له: إما أن تسكنها، وإلا يستوفي منك الأجرة، إذا مضت المدة، وأما إذا زال الوجع، فقد تعذر استيفاء المنفعة من جهة الله تعالى شرعا، لأنه لو أراد أن يقلعها لم يجز، ويمنع العقل والشرع معا من قلع السن الصحيح، فانفسخت الإجارة بذلك، كالدار إذا انهدمت، فأما إذا استأجر عبدا فأبق، فإنه تنفسخ الإجارة لتعذر استيفاء المنفعة (4) المعقود عليها، كالدار إذا انهدمت.
والمستأجر يملك من المستأجر المنفعة التي في العبد والدار والدابة، إلى المدة التي اشترط، حتى يكون أحق بها من مالكها، والمؤجر يملك الأجرة بنفس العقد، على ما قدمناه، ولا تخلو الأجرة من ثلاثة أحوال، إما أن يشترطا فيها التأجيل، أو التعجيل، أو يطلقا ذلك، فإن شرطا التأجيل إلى سنة أو إلى شهر، فإنه لا يلزمه تسليم الأجرة إلى تلك المدة بلا خلاف، فإن اشترطا التعجيل أو أطلقا، لزمه ذلك في الحال، على خلاف فيه من المخالفين (5).