فإن قلت لعبدك: اشتر لي فرسا للركوب، فإن لم تجد فحمارا، فعند أهل العرف أنه لو لم يتفحص موارد احتمال وجود الفرس ومظانها، ولم ينتظر في تحصيله مدة ينتفي فيها احتمال حصول الفرس، أو يتضيق وقت احتياج المولى إلى الركوب، لا يعد ممتثلا، فيجب تتبع موارد الاحتمال وانتظارها إلى أن يتضيق زمان الحاجة.
إذا عرفت هذا، فالذي نقل عن المشهور أمران الأول: تأخير التيمم إلى آخر الوقت، والثاني: الطلب بعد دخول الوقت بمقدار رمية أو رميتين.
ولا ريب أن المعنى الثاني ليس محصلا للصدق العرفي في عدم الوجود، فينافي استدلالهم على وجوب الطلب لذلك كما أشرنا سابقا.
فلا بد أن يكون مرادهم تحصيل الصدق من (1) القدر المشترك بين الأمرين، فلا يكون الطلب المعين المحدود وحده علة لذلك، فلعل الشارع خفف الطلب لتسهيل الأمر، واكتفى بالانتظار إلى آخر الوقت منضما إلى هذا القدر من الطلب، كما أنه يجوز أن يقول المولى لعبده في المثال المتقدم: إنه يكفي في تحصيل الفرس أن تراقب وجوده، فإن رأيته أو أعلمك أحد به فاشتره ولكن تفحص عن الفرس في الخان الفلاني، أو السوق الفلاني، ولا يجب عليك تتبع جميع الأسواق والخانات والسكك والدور والمحلات.
ومن هذا ينقدح عدم وجوب التأخير إذا علم عدم التمكن من الماء في آخر الوقت، لصدق عدم الوجود في أول الوقت، فإن كان معيار كلام المشهور هو متابعة ظاهر الآية، فلا حاجة إلى التأخير في صورة العلم، وإلا فلا معنى لاستدلالهم بذلك على وجوب الطلب كما مر، فإما يوجبون الأمرين مضافا إلى الصدق العرفي، أو يكتفون بهما وإن لم يحصل الصدق العرفي. وعلى الثاني فيلزمهم