أما الأول: فلا إشكال في المتعارف منه وإلا لم يمكن التطهير عادة، وأما غير المتعارف مثل أن يصب كل الدلو أو أغلبه فقيل: لا يوجب شيئا، للأصل (1).
وفيه: أن كون ذلك نجاسة لم يرد فيها نص، - فيجب فيه ما يجب فيه - يخرجه عن الأصل، وقيل: كذلك فيما عدا الدلو الأخير، فيجب فيه ما يجب في ما لا نص فيه (2). وفرقه مبني على الفرق بين وصول النجاسة بالماء الطاهر والماء النجس، وهو غير واضح، لأن لكل نجاسة تأثيرا.
وقيل: بأقل الأمرين من منزوح أصل النجاسة ومنزوح ما لا نص فيه (3)، لأن الفرع لا يزيد على الأصل، وهو أحسن الأقوال وإن كان لا يخلو عن إشكال.
وأما الثاني: فلا إشكال فيه بعد الخلاص عن النزح، وأما قبله ففيه إشكال، سيما في الحمأة. قال في الذكرى: وأجمعوا على طهارة الحمأة والجدران (4)، وهذه العبارة محتملة لهما.
وأما الثالث: فلا إشكال في طهارة الدلو والرشا، ويدل عليه استحباب بعض مراتب النزح، كالأربعين فيما يجب فيه ثلاثون من دون لزوم تطهير بينهما، وإلا لنبه عليه الشارع. والظاهر أن المباشر أيضا كذلك لذلك، وطريق الاحتياط واضح.
وكل ذلك مما يؤيد عدم الانفعال، هذه أحكام النزح.
وأما تطهيرها بغير النزح فصريح جماعة من الأصحاب إمكانه، وأنه مثل غيره من المياه (5)، وظاهر المحقق في المعتبر انحصاره في النزح (6)، والأظهر الأول، فيمكن تطهيرها بالجاري والكثير والغيث بالشرائط المتقدمة في غيرها، لما ذكرنا من