عن علمه. كما ترى أن حلاب الأغنام والبقرات في الليالي المظلمة مع اختلاط أغنام القوم وبقراتهم بمجرد موافقة اللون والجثة واعتيادها في الرواح والسراح، يحلبونها، ويعتقدونها أنعامهم، ويدعون العلم، ولا يشكون في كونها أنعامهم، مع أنه لو قيل لهم: ألا يجوز أن يكون فرد من نعم القوم مشابها لفرد من نعمك في جميع الجزئيات، أو يتفاوت معه بتفاوت قليل يشتبه عليك في الظلمة؟ فلا يمكنه انكار الجواز ومنع هذا الاحتمال كما لا يخفى.
وكذلك في الزوج والزوجة في الليلة المظلمة، سيما إذا حصلت المجامعة بعد الإفاقة من النوم، لامكان نوم غير زوجته مكانها، وقد يجامعها في المنام باعتقاد أنها زوجته، ولا ريب أن في بادئ النظر يعتقد أنه عالم بأنه يجامع زوجته، وهكذا. بل الذي يظهر من الأدلة أن شاهد الحال أمره أسهل من ذلك أيضا.
ولا يذهب عليك أن ما ذكرناه مغاير لما يسمونه بالعلم العادي في الاصطلاح، فإنه لا يقبل التشكيك بالنظر إلى مجرى عادة الله تعالى، كعدم انقلاب الجبل الذي شاهدناه بالأمس ذهبا، أو صيرورة الأواني (1) التي رأيناها في البيت علماء فضلاء عارفين بجميع العلوم، ونحو ذلك، وإن كان يجري فيه الاحتمال العقلي بالنظر إلى قابلية المادة، وعموم قدرة الله تعالى لكل ممكن، فإن هذا علم حقيقي جزما، بخلاف ما ذكرناه، فإن مدعيه بعد الالتفات وملاحظة الاحتمال قد لا يبقى ظنه فضلا عن علمه، بخلاف ما نحن فيه.
وظاهر الأصحاب جواز الشرب والتوضؤ والغسل وغسل الثياب من المياه المملوكة في الأنهار والساقيات ونحوها، إلا مع النهي أو العلم بالكراهة أو الظن بها.
وهل ذلك من باب الإذن بشاهد الحال، أو ذلك حق في ملكهم للمسلمين كحق