تطور الفقه إن مسألة تعلم الأحكام وجمعها وتدوينها كانت من زمان النبي (ص)، واشتدت بعد لحوقه بالرفيق الأعلى، وقد تخرج من مدرسة أهل البيت (ع) وعلى أيدي الأئمة الأطهار (ع) عدة من الفقهاء العظام، نظير علي بن أبي رافع الذي كان من خواص أمير المؤمنين (ع). وسعيد بن المسيب، والقاسم بن محمد بن أبي بكر، وهما من ثقات علي بن الحسين (ع).
كذا نظير زرارة بن أعين، ومحمد بن مسلم، وأبي بصير الأسدي، وجميل بن دراج، وعبد الله بن مسكان من خريجي مدرسة الإمام الباقر والإمام الصادق (ع).
ما أجمع العلماء على فقاهة آخرين من تلاميذ الإمام موسى بن جعفر (ع)، نظير يونس بن عبد الرحمن، وصفوان بن يحيى، ومحمد بن أبي عمير، وغيرهم، ويعبر عنهم بأصحاب الاجماع، وحالهم وفقاهتهم معلومة لكل من راجع كتب الحديث، وكان لأكثرهم كتب، إلا أن كتبهم كانت مقصورة على نقل الروايات بأسنادها.
هكذا فقد كانت عملية التفقه بسماع كلام المعصوم، أو تلقي الجواب منه بعد توجيه السؤال من دون بذل جهد، وكان الإفتاء بنقل نص الرواية مع الإسناد، واستمر على هذا الحال طول القرون الثلاثة الأولى.
لكن قبيل وبعد غيبة الإمام الثاني عشر (عجل الله تعالى فرجه) - يعني أوائل القرن الرابع - طرأ تغيير على كيفية الفتيا، وحل محل تلك الطريقة طريقة جديدة، وهي إلقاء الأحكام إلى الناس بنص كلام الإمام من دون ذكر السند والإمام المنقول عنه، أو نقل مضمونه بعد الترجيح والجمع بين الأخبار، وبهذا ترك الفقه قالب نقل الأخبار، وخرج بقالب الإفتاء.
أول من فتح هذا الباب على مصراعيه والد الشيخ الصدوق، فألف كتاب