الخامس: تشترط فيه النية، والأصل فيها الوجوب في كل ما لم يعلم الغرض فيه من الأوامر، أو (1) علم أن الغرض منه بالذات هو تكميل النفس.
وأما ما علم أن المقصود منه مجرد الوصول إلى الغير - كغسل الثياب والأواني والجهاد ونحو ذلك - فلا تشترط النية فيها، فتترتب آثار الفعل عليه فيها مع عدمها، بل إذا وقع مع نية الخلاف وعلى وجه المعصية أيضا (فيخرج عن عهدة التكليف بحصولها كيف اتفق، وإن حصلت له المعصية) (2)، بخلاف غيرها، فإن الامتثال المطلوب فيها لا يحصل إلا إذا قصد بها الإطاعة، فإن مجرد موافقة المأمور به بعنوان الاتفاق لا يسمى في العرف امتثالا.
وأما الواجبات التوصلية وإن كان يجري فيها ذلك أيضا، سيما إذا حصل الفعل بدون اختيار المكلف، لكن المراد هنا بحصول الامتثال: هو ترتب الأثر والخروج عن عهدة الفعل، فلا يكلف بالفعل ثانيا.
فحقيقة النية: قصد الفعل المأمور به ممتازا عما سواه لله تعالى.
فإذا كان الداعي على الفعل هو ذلك فقد حصلت النية، ولا حاجة إلى الإخطار بالبال مفصلا في أول جزء من الأجزاء، كما فهمه أكثر المتأخرين (3).
ولذلك فلا يتفاوت الحال بين أول الشروع فيه، وحال التلبس به، فإن الداعي لا يجب فيه التذكر، بل يكفي وجوده في الحافظة، ولا يرتفع إلا بالذهول عن الفعل بالمرة، أو بنية الخلاف. وذلك هو المراد بالاستدامة الحكمية، فإذا كان الداعي له في الشروع هو قصد التقرب إلى الآمر بالفعل المعين، ولو (4) كان خطوره