أصيب في بعض مشاعره لا محالة، أم لا بد له من آفة تنزل على سمعه أو بصره، فقيل له: بلى إنه من تأليفات مولانا الميرزا القمي، وقد أصيب بعد فراغه منه بثقل السامعة كما بينا، فتعجب الحاضرون والسامعون من فراسة السيد بحر العلوم، بل كرامته.
الميرزا القمي وصاحب الرياض كان بين الميرزا القمي والسيد علي صاحب الرياض - والذي هو الآخر من تلاميذ الوحيد البهبهاني ومن انتهت إليه الزعامة الدينية في كربلاء - مخالفات ومنافرات كثيرة في كثير من المسائل العلمية وغيرها، فكان الميرزا يرى حرمة الزبيب المغلي في المرق أو الطبيخ قبل ذهاب الثلثين، ويقول بنجاسته أيضا، ولكن السيد صاحب الرياض كان يحكم بحله وطهارته، فاتفق أن السيد - رحمه الله - أضافه في سفر زيارة له بأرض الحائر المطهر على مشرفها السلام، فلما أحضرت المائدة وبسطت ظروف الأطعمة، ومد مولانا الميرزا يده الشريفة إلى مطبوخ كان في جملة ما أعد له من الغذاء، ووضع اللقمة في فمه، فأحس بوجود الزبيب المغلي في ذلك المطبوخ فتغير وجهه الشريف، وقام من فوره إلى الماء ليغسل به ما مسه، وأقبل يعاتب السيد بقوله: مرحبا بإضافتك وإكرامك وإنعامك فقد آذيتنا وأطعمتنا النجاسة، ولم يقرب بعد ذلك يده إلى الطعام، فأخذ السيد يد الميرزا وقال له: إما أن تثبت لي حرمة ذلك، وإن لم تستطع فيجب عليك أن تأكله، ثم تبسم السيد، وأمر أن يؤتى بطعام آخر، فأكلا جميعا.
وكان الشيخ الفقيه السيد صدر الدين الموسوي العاملي يقول: إني في تلك الأيام كنت هناك، فكان صاحب الرياض يضيق عليه الأمر في المناظرة في مسائل الفقه والأصول حيثما يجده، فكان يقول لي تكلم مع هذا الرجل - يعني الميرزا - فيما يريده من المسائل حتى تعلم أنه ليس بشئ، وإني أجدك أفضل منه يقينا، أو ما يكون قريبا من هذا الكلام.
قال صاحب الروضات: لا يبعد كون اعتقاد صاحب الرياض في حقه كذلك،