ولا بد من تقييده بما كان قبل الفعل مما كان للفعل. وما ذكرنا مقتضى إطلاق الأدلة، وخصوص الأخبار في بعضها، كالطواف، ودخول مكة، والإحرام، وغيرها.
الثاني: إذا اجتمع على المكلف أغسال، فإما أن تكون واجبة، أو مستحبة، أو مختلفة. وعلى أي تقدير، فهل يكفي غسل واحد مطلقا، أو بنية الجميع، أو تكفي نية (1) البعض مطلقا، أوفي خصوص البعض؟ وجوه وأقوال، وسنفصلها.
والذي يقتضيه الأصل هو عدم التداخل، كما هو ظاهر كثير من الأصحاب، فإن الظاهر من الأمر: هو وجوب الامتثال، وهو لا يتم إلا بالقصد، لأن الموافقة الاتفاقية لا تعد امتثالا، وامتثال أحد الأمرين المتماثلين لا يسمى امتثالا للآخر، كما يشهد به العرف والعادة، والأصل عدم الخروج عن عهدة التكليف إلا بإتيانها على حدة.
ولا ريب أن الماهيات كما تتمايز بالأجزاء الخارجية أو الذهنية الموجبة لمغايرتها للأخرى، كذلك تتمايز بالقصد والنية فيما لا تختلف أجزاؤها، كركعتي الفجر ونافلتها وفائتتها.
ولا ريب أن المميز هو النية.
فالاتيان بأحد المتماثلين لا يجزئ عن الآخر بحكم العرف والعقل والشرع.
وكفاك قوله عليه السلام: " إنما الأعمال بالنيات " (2) وما في معناه، وكل ما يدل على التداخل في الأخبار كما سيأتي أيضا يدل على المغايرة كما بينا، وكذلك مثل ما ورد في الأخبار: " من أن غسل الجنابة واجب وغسل الحيض واجب وغسل المس واجب " ونحو ذلك، سيما بعد التأمل في مواردها، والفرق في مشروطها، واختلافها في رفع الأحداث، وضعفها وقوتها، كما يظهر من الأخبار، فهو