وأما لو كان قرار المنبع أعلى، أو كان من قبيل الفوارات المتعارفة، فيمكن إجراء طريقة ماء الحمام فيه.
وهذه الأحكام مما لم يرد فيها نص، وعمومات قولهم عليهم السلام: " الماء يطهر ويطهر بعضه بعضا " وغيرها لا يدل إلا على ثبوت التطهير في الجملة. وغاية ما يمكن أن يتمسك به هو الطريقة المستفادة من عموم قولهم عليهم السلام: " إذا كان الماء قدر كر لم ينجسه شئ " وعموم ما دل في ماء الحمام بالعلة المنصوصة وغيرها بالتقريب المتقدم، فعليك بالتحري والاجتهاد ثم الاحتياط، والله الهادي إلى سبيل الرشاد.
الرابع: إتمام القليل كرا، وقد اختلفوا فيه على أقوال، ثالثها الفرق بين الطاهر والنجس (1)، والأقوى عدم التطهير.
لنا: أن الطهارة حكم شرعي يحتاج ثبوته إلى دليل، وما اقتضاه الأصل والعمومات فقد ارتفع يقينا، وعوده يحتاج إلى دليل، والنجاسة مستصحبة، ولا ترتفع إلا باليقين، ودعوى أصالة طهارة الطارئ مع أنها غير مجدية في النجسين لا تفيد فائدة مع الامتزاج.
احتجوا بأن البلوغ يستهلك النجاسة، فيستوي وقوعها قبل البلوغ وبعده. وبأنه لولاه لما حكم بطهارة الماء الكثير إذا وجدت فيه نجاسة، لاحتمال وقوعها فيه قبل البلوغ.
والأول قياس مع الفارق، إذا لعل لطهارة الجميع مدخلية في رفع النجاسة، وهو منتف فيما نحن فيه.
والثاني مدفوع بأن الأصل طهارة الماء، ولم يثبت لها رافع، واحتمال طروئها