وبالأول صرح الشهيد في الدروس، واختاره في المسالك، قال: لوجود المقتضي وهو الصيغة الصالحة للحبس، لاشتراك الوقف والحبس في المعنى، فيمكن إقامة كل منهما مقام الآخر، فإذا قرن الوقف بعدم التأييد كان قرينة لإرادة الحبس، كما لو قرن الحبس بالتأييد فإنه يكون وقفا " كما مر، وهذا هو الأقوى، لكن إنما يتم مع الحبس، فلو قصد الوقف الحقيقي وجب القطع بالبطلان لفقد الشرط، انتهى.
أقول: من الظاهر أنه يمكن ارجاع القول الأول إلى ما ذكره من هذا التفصيل، فإن تعليل القول المذكور بما تقدم من قوله إن الدوام شرط فيبطل الوقف بعدم الشرط، يشير إلى ذلك حيث أن غاية ما يعطيه هو بطلان الوقف لا بطلان الحبس، وإلا لاحتاج في بطلان الحبس إلى أمر زائد على ما ذكر مع أنه غير مذكور في كلامه القول بالصحة، وكونه حبسا " صرح ابن إدريس أيضا " فقال والوقف لا يصح إلا أن يكون مؤبدا " على ما قدمناه، فلا يصح أن يكون موقتا ".
فإن جعله كذلك لم يصح إلا أن يجعله سكنى أو عمري أو رقبى على ما سنبينه عند المصير إليه.
والأظهر في الاستدلال على الصحة في الصورة هو ما رواه المشايخ الثلاثة (عطر الله مراقدهم) في الصحيح عن علي بن مهزيار (1) " قال: قلت: روى بعض مواليك عن آبائك عليهم السلام أن كل وقف إلى وقت معلوم فهو واجب على الورثة وكل وقف إلى غير وقت معلوم جهل مجهول فهو باطل مردود على الورثة، وأنت أعلم بقول آبائك عليهم السلام فكتب عليه السلام: هو عندي كذا ".
والظاهر أن معنى الخبر المذكور هو أن الوقف إذا كان مقيدا " بوقت معلوم كما هو البحث فهو صحيح واجب على الورثة إنفاذه في تلك المدة، ويكون حبسا "، وإن لم يذكر له وقت، أو كان وقتا " مجهولا كأن يقول: إلى وقت ما، فإنه يكون باطلا.