ولا خلاف بين الأصحاب في أن مدة الرضاع بالأصالة حولان كاملان، للآية، وجوز الأصحاب الاقتصار على أحد وعشرين شهرا، وظاهرهم الاتفاق على ذلك على ما قال في المسالك، لقوله تعالى: (وحمله وفصاله ثلاثون شهرا) (١) حملا على الغالب من كون الحمل تسعة أشهر.
وروي عن ابن عباس أنه من ولد لستة أشهر ففصاله في عامين، ومن ولد لسبعة فمدة رضاعه ثلاثة وعشرين شهرا، ومن ولد لتسعة فأحد وعشرون (٢). وفي المسالك: إنه قول موجه جامع بين الآيات (٣).
ويدل على قول الأصحاب أيضا ظاهر قوله تعالى: ﴿فإن أرادا فصالا عن تراض منهما وتشاور فلا جناح عليهما﴾ (4). ورواية سماعة (5) ورواية عبد الوهاب ابن الصباح (6) ولا تخلوان (7) عن اعتبار، ويستفاد من الروايتين عدم جواز النقص من أحد وعشرين شهرا.
وفي رواية سماعة: «ما نقص فهو جور على الصبي». وهو المعروف بين الأصحاب. وقال بعضهم: ولو قيل بجوازه إذا اقتضت مصلحة الولد ذلك وتراضى عليه الأبوان لم يكن بعيدا (8). ويؤيده ظاهر الآية وظاهر صحيحة الحلبي (9) وحسنة الحلبي أيضا (10) لكن التعويل على الروايتين الخاصتين المعتضدتين بعمل الأصحاب أحوط. هذا كله مع الاختيار، أما مع الضرورة فيجوز النقصان عن الحولين مطلقا.