الامور الثلاثة مرتبة على مراتب ثلاثة من حالها فمع ظهور أمارات النشوز يقتصر على الوعظ، ومع تحققه قبل الإصرار ينتقل إلى الهجر، فإن لم ينجع وأصرت انتقل إلى الضرب وجعلوا المعنى في الآية: واللاتي تخافون نشوزهن فعظوهن، فإن نشزن فاهجروهن في المضاجع، فإن أصررن فاضربوهن.
وينبغي مراعاة الاحتياط في هذا الباب والتدرج من الأخف إلى الأثقل، إلا أن يتحقق النشوز بالفعل وعلم أن الأخف لا ينجع.
والمراد بظهور أمارات النشوز تغيير عادتها معه في القول والفعل بأن تجيبه بكلام خشن أو غير مقبلة عليه بوجهها، أو تظهر عبوسا أو إعراضا وتثاقلا ودمدمة بعد أن كانت من عادتها خلاف ما ذكر، بخلاف ما لو كان من عادتها ذلك ابتداءا.
والتبرم في حوائجه من أمارات النشوز. والمراد بها ما يجب عليها فعلها من الاستمتاع ومقدماته كالتنظيف المعتاد وإزالة المنفرات، ولا أثر للامتناع من حوائجه التي لا تتعلق بالاستمتاع، إذ لا يجب عليها ذلك.
وعن الشيخ فخر الدين (رحمه الله) في بعض فتاويه أن المراد بها نحو سقي الماء وتمهيد الفراش (1). وهو بعيد.
والمراد بالتبرم في الحوائج المذكورة القيام الذي بتضجر وتثاقل وإن فعلها.
والمراد بالوعظ أن يخوفها الله تعالى ويحذرها عذاب الله ونكاله، ويذكر لها ما ورد من حقوق الزوج على الزوجة من الأخبار المنقولة عن أصحاب العصمة سلام الله عليهم، ويبين لها مفاسد النشوز التي من جملتها سقوط النفقة وحق القسم.
وأما الهجران فالمعتبر منه في هذا الباب الهجران في المضجع، وقد اختلف في معناه، فقيل: أن يحول إليها ظهره في الفراش. وإليه ذهب ابنا بابويه (2). وجعله المحقق مرويا (3). وقيل: يعتزل فراشها ويبيت على فراش آخر وهو قول الشيخ