القصاص والعفو عما ليس بمال، كالقصاص - يمضي تصرفه. وكون حق القصاص مما يصالح عليه بمال لا يجعله ماليا حتى يمنع منه، بخلاف ما لو كان ماليا أولا كالخيار والشفعة فليس له عفوهما، كما ليس له ذلك في حق التحجير.
وفي حق الاختصاص في المشتركات - كالمسجد والسوق والرباط - يجوز عفوه، إذ ليس مالا.
وفي وصيته وتدبيره خلاف معروف، ولا ريب في كونهما تصرفا ماليا داخلا في عموم الدليل على الظاهر. ومنشؤه: إما دليل خاص ولم نقف عليه - وصاحب الكفاية ذكر في وصية السفيه أقوالا ثلاثة (1) ولم يذكر نصا فيه فيما عندي من النسخة - وإما أن أدلة الحجر العامة هل هي عامة لمثل الوصية والتدبير - اللذين هما في الحقيقة من جملة التصرفات أو لا؟ لأنه موجب للتصرف بعد الموت. وإلا فهو باق في الحياة على حاله، فلا مانع من نفوذ تصرفه فيه. مضافا إلى أن الحجر إنما هو لتضييع المال ولا تضييع هنا.
والحق: أن تصرفه هنا أيضا تصرف في الحياة ممنوع عنه إلا ما أذن فيه الولي - على القول بأن إذنه رافع للحجر - لعموم دليل الحجر، وكما أن إتلاف المال على نفسه موجب لحجره فكذلك إتلافه على وارثه أو في غير الوجوه اللائقة مطلقا.
وكون ذلك بعد الوفاة غير نافع، إذ الغرض من الحجر صون المال عن التلف فيما لا يليق به، وهذا الوجه موجود في الوصية، إذ لو جوزناها مطلقا فقد يصرفه السفيه في الوصية في موضع غير لائق، فتدبر. وكأن من فصل بين وجوه البر والمعروف وغيره لاحظ هذه المعنى.
وأما الاكتساب البدني - من احتطاب أو احتشاش أو كونه أجيرا للغير أو بطريق جعالة ونحوه - فلا حجر فيه، بل يملك المال ويحجر عليه بعد ذلك.
ومما ذكرنا ظهر لك استنباط حكم السفيه في كل باب ما لم يدل دليل خاص على خلافه.