مصلحة أو مفسدة في فعله أو تركه يوجب المطلوبية - على ما تقرر عندنا من تبعية الأحكام للمصالح - ولازم ذلك كونه مطلوبا من الصبيان أيضا، إذ لا تتخلف المصلحة الكامنة. نعم، للمباشر والحالات مدخلية في المصلحة تتغير بتغيرها (1) ولكن الكاشف عن ذلك الدليل، وحيث إن الطلب والثواب تعلق بماهية قراءة القرآن - مثلا - ولم يدل دليل إلا على خروج الجنب والحائض مثلا (2) في وجه، يعلم من ذلك أن الصبي والبلوغ لا مدخلية له في المصلحة.
ورابعها: أن قضية اللطف عدم خلو هذا العمل الصادر عن الصبي من الثواب، فإن من أتى بعمل حسن قاصدا به وجه الرب الكريم فحرمانه عن الجزاء والثواب مناف للطف وما دل من الكتاب والسنة على أنه تعالى يقدم ذراعا على من أقدم عليه شبرا (3) فتدبر.
وخامسها: الاعتبار العقلي، فإن من البعيد الفرق بين ما قبل البلوغ بساعة وما بعده، فإن المراهق المقارب للبلوغ جدا لا ريب في أنه بمكان من الإخلاص والعبودية لله تعالى كما بعد البلوغ، بل في الحالة الأولى ربما يكون أشد من الحالة الثانية، فيبعد كونه مأجورا على الثانية دون الأولى.
وسادسها: ما ورد من الأخبار على أن (لكل كبد حراء أجر) (4) فإنه عام للصبي والبالغ، بل مشير (5) إلى أن العلة إنما هي حرارة الكبد، ولا ريب في احتراق كبد الصبيان في بعض الأوقات والأفراد شوقا إلى الله تبارك وتعالى أزيد من كثير من البالغين.
وسابعها: لزوم ترجيح المرجوح، فإنا لو فرضنا أن المراهق أتى بعبادة مشتملة على الاخلاص والشرائط والأجزاء وأتى غيره بهذا العمل، أو أتى به ذلك