ظاهر العبارة، إذ وجوب الدفع إلى المالك لا يعبر عنه بهذه العبارة، بل ينبغي أن يقال: (يجب دفع أموال الناس إلى ملاكها) وأين هذا من قوله: (على اليد ما أخذت؟) فإنه ظاهر بل صريح في إرادة الغرامة، وليس المعنى إلا لزوم دفع ما قام مقامه إذا لم يمكن، وهذا المعنى مما لا يشك فيه مشكك بعد ملاحظة فهم العرف، حتى من لم يتشرع بشرعنا أيضا. ولو لوحظ ما هو المعهود من الشرع أيضا في التغريم للغصاب وغير ذلك من أبواب الفقه يحصل القطع بأن المراد من الغرامة الثابتة على اليد في هذه الرواية عبارة عن دفع المثل والقيمة عند التعذر، فكيف يعقل إنكار عدم استفادة هذا المدعى من الخبر؟ كيف! ولو بنينا في فهم الأدلة على ما هو المذكور فيه صريحا لم يتم لنا من الفقه إلا عشر معشار ما هو بأيدينا، وهو أجنبي عن طريقة السلف والخلف مقطوع بفساده.
وبالجملة نحن ندعي: أن ظاهر هذا الخبر الضمان والغرامة بلا شبهة، ومعناه عرفا: دفع ما يخرج به عن عهدة المال وينتفي به الضرر، وهو إما بدفع عين المال، أو ما هو أقرب إليه لو تعذر، ولا ريب أن في المثلي لا يحصل الخروج عن العهدة إلا بدفع المثل عرفا، لأنه الأقرب إلى الأصل ذاتا وأوصافا وقيمة، وفي القيمي لا بد من دفع القيمة، دفعا لضرر المالية مع تعذر العين وما وافقه في الصفات.
هذا تمام الكلام في تأسيس قاعدة (على اليد) ودلالتها على الضمان عينا ومثلا أو قيمة. وأما البحث في بيان المراد من بقاء العين والتلف وكيفية التأدية وبيان معنى المثلي والقيمي وضبط كيفية التقويم فسيجئ إن شاء الله بعد ذكر أسباب الضمان ومسقطاته.