مضمون على البائع بأن معناه: كون تلفه من ماله، لا بمعنى: إلزامه بالمثل والقيمة، ولولا الإجماع على الضمان بهذا المعنى لم يكن له وجه، لأنه مال المشتري في يد غيره مع إذنه، فينبغي كونه كسائر الأمانات المالكية في عدم الضمان، مع أنه يضمن للنص والإجماع، لكن بالمعنى السابق.
وبين قطع النظر عن ذلك والرجوع إلى قاعدة الإتلاف ومطالبة المتلف بالمثل والقيمة، بائعا كان أو غيره.
بخلاف صورة التلف السماوي، فإن فيه لا وجه للضمان سوى قاعدة البيع، وقد قررنا أن ضمانه عبارة عن كون التلف من مال بائعه كما دل عليه النص (1) ولا وجه لضمان المثل والقيمة حتى يكون للمشتري تسلط عليه، وليس عنده إلا دليل الوفاء بالعقد، وهو دال على ذلك في خصوص ما تعلق به العقد وقد امتنع بتلف المال، ولا تكليف إلا مع القدرة، ولا دلالة في دليل الوفاء على دفع المثل والقيمة أبدا، وذلك واضح.
ومما قررناه ظهر: أن التلف السماوي في يد البائع أيضا ليس على إطلاقه موجبا للبطلان، بل إنما هو في صورة عدم وجود سبب آخر للضمان غير قاعدة البيع، فلو فرض أن البائع غصب المبيع ومنعه عن ملكه عدوانا فصارت يده عادية ضامنة للعين أو المثل والقيمة كسائر الغصاب فحينئذ لو تلفت العين في يد البائع بآفة سماوية فالمشتري بالخيار أيضا: بين فسخ العقد واسترجاع الثمن، وبين مطالبة الغاصب بالمثل والقيمة.
وملخص الكلام: أن تعذر الوفاء بالعقد عبارة عن فوات ما تعلق به العقد بعينه، ومتى ما حصل ذلك ولم يكن هناك سبيل آخر يقوم مقامه بسبب شرعي لزمه البطلان، لانحصار الأمر في ذلك، وعدم جريان دليل الصحة في هذا الفرض، وهو كصورة التلف بآفة سماوية مع عدم كون يد البائع يد عدوان، كما قررناه. ولو كان هناك سبيل آخر لصاحب المال المتضرر بتلفه فيتخير بين الطريقين، فإن شاء أخذ