الثاني: تعليل جماعة منهم جواز بعض الألفاظ بأنه صريح في هذا المعنى، وعدم جواز بعض ببعده عن إفادة المراد وعدم كونه مأنوسا، وذكر جماعة منهم - بعد ذكر الإيجاب والقبول - وصيغتها الصريحة كذا مثلا، الدال على أن المعيار الصراحة.
الثالث: ما هو المعلوم من طريقة الشرع: أن المعيار في المعاملات ليس على خصوص الألفاظ، بل المدار فيها على المراد، والألفاظ قد اعتبرت كواشف، فلا وجه للاقتصار على ما يشتق من أصل المواد، ولا على خصوص الحقيقة، مع شذوذ القول بالاقتصار بهما - كما سنذكر - فينبغي أن يكون المدار على تفهيم المعنى، لكن حيث إن بناء الشرع غالبا إنما هو على قطع التشاجر والتنازع، والعقود ونحوها من الايقاعات لما كانت مثار الفتن، فالحكمة تقتضي أن يكون المعيار في السببية على اللفظ المتعارف الواضح الدلالة، لا على ما كان فهمه يحتاج إلى تخريج بعيد. وبعبارة أخرى: تتبع الشرع قاض بكون العلائم والأمارات في كل مقام مبنية على الأمور الواضحة، دون الخفية على الأفهام.
الرابع: أن الأدلة الخاصة - مثل: ﴿أحل الله البيع﴾ (1) و (الصلح جائز) (2) ونحو ذلك (3) - تشمل كل ما وقع بلفظ صريح، دون ما عداه. أما الثاني: فلأنها إطلاقات تنصرف إلى المعهود المتعارف، وهو ما وقع بالصريح قطعا وأما الأول (4) إذ ليس المراد من هذه الألفاظ خصوص لفظ (بعت) و (صالحت) مع اجتماعهما للشرائط، وإلا لم يمكن (5) التمسك في مقام الشك في شرطية شئ بهذه الإطلاقات بل المراد (6) منها ما يسمى بيعا في العرف وصلحا ومزارعة، ونحو