المبسوط - السرخسي - ج ٤ - الصفحة ٥٤
بعد هذا قولهما لأنه أطلق الجواب وهنا نص على قول أبي حنيفة وقيل بل فيه روايتان عن أبي حنيفة رحمه الله تعالى في احدى الروايتين جعلها كالجمعة في اشتراط الجماعة فيها وفي الرواية الأخرى فرق بينهما فقال اشتراط الجماعة هناك لتسمية تلك الصلاة جمعة وفى هذا لموضع إنما سمى هاتين الصلاتين الظهر والعصر وليس في هذا الاسم ما يدل على اشتراط لجماعة ومعنى الجمع هنا منصرف إلى الصلاتين لا إلى المؤدين لهما فلا تشترط الجماعة فيهما (قال) وليس في هاتين الصلاتين القراءة جهرا الا على قول مالك رحمه الله تعالى فإنه يقول يجهر بالقراءة فيها لأنها صلاة مؤداة بجمع عظيم فيجهر فيها بالقراءة كالجمعة والعيدين ولكنا نقول إن رواة نسك رسول الله صلى الله عليه وسلم لم ينقلوا أنه جهر في هاتين الصلاتين بالقراءة وهما يؤديان في هذا المكان كما يؤديان في غيره من الأمكنة وفى غير هذا اليوم فلا يجهر بالقراءة فيهما عملا بقوله صلى الله عليه وسلم صلاة النهار عجماء أي ليس فيها قراءة مسموعة (قال) وان خطب قبل الزوال أو ترك الخطبة وصلى الصلاتين معا أجزأه وقد أساء في تركه الاقتداء برسول الله صلى الله عليه وسلم فان الخطبة ليس من شرائط هذا الجمع بخلاف الجمعة وقد بينا ذلك فهذه خطبة وعظ وتذكير وتعليم لبعض ما يحتاج إليه في الوقت فتركها لا يوجب الا إساءة كترك الخطبة في العيدين (قال) وإن كان يوم غيم فاستبان انه صلى الظهر قبل الزوال والعصر بعده فالقياس انه يعيد الظهر وحدها لان العصر مؤداة في وقتها وحين أدى العصر ما كان ذاكرا للظهر فيكون في معنى الناسي والترتيب يسقط بالنسيان ولكن استحسن ان يعيد الخطبة والصلاتين جميعا لان شرط صحة العصر في هذا اليوم تقديم الظهر عليه على وجه الصحة فان العصر معجل على وقته وهذا التعجيل للجمع فإنما يحصل الجمع بأداء العصر إذا تقدم أداء الظهر بصفة الصحة فإذا تبين ان الظهر لم يكن صحيحا كان عليه إعادة الصلاتين جميعا (قال) وان أحدث الامام بعد الخطبة قبل أن يدخل في الصلاة فامر رجلا قد شهد الخطبة أو لم يشهد ان يصلى بهم أجزأهم لان الخطبة ليست من شرائط هذا الجمع (قال) وان تقدم رجل من الناس بغير أمر الامام فصلى بهم الصلاتين جميعا لم يجزهم في قول أبي حنيفة رحمه الله تعالى لان هذا الامام شرط هذا الجمع عنده (قال) وان مات الامام فصلى بهم خليفته أو ذو سلطان أجزأهم لان خليفته قائم مقامه فهو بمنزلة ما لو صلى الامام بنفسه وإن لم يكن فيهم ذو سلطان صلى كل صلاة لوقتها
(٥٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 49 50 51 52 53 54 55 56 57 58 59 ... » »»
الفهرست