الممسوح دون المسح (1) خلاف الظاهر بل الأصل، لأنه يخرج لفظتي " من " و " إلى " عن إفادة الابتدائية والانتهائية اللتين هما حقيقتاهما عند ذكرهما معا، إذ لا ابتداء حينئذ ولا انتهاء، بل يكونان طرفين للمحدود.
واستدل له أيضا: بأصل الاشتغال، وتبعية التيممات البيانية حيث إن الظاهر أنه كان بالبدأة من الأعلى وإلا لنقل، لكونه خلاف المتعارف في الوضوء والمعهود بين الناس (2).
ويضعف الأول: بما مر مرارا.
والثاني: بمنع البدأة بالأعلى فيها أولا، ووجوب النقل لو نكس ممنوع جدا، وكونه خلاف الوضوء - مع كونه ممنوعا للخلاف فيه أيضا - لا يدل على وجوب النقل، وكونه خلاف المعهود في الصدر الأول غير مسلم. ومنع دلالتها على الوجوب ثانيا، لمنع كون البدأة بيانا، بل اتفاقية وأحد أفراد المخير.
وقد يستدل أيضا: بعموم المنزلة الثابت بقوله (عليه السلام): " جعل التراب طهورا كما جعل الماء طهورا " (3) ونحوه، وعموم البدلية الثابت بفهم العرف.
قال بعض مشايخنا المحققين في بيانه: إن أهل العرف إذا سمعوا وجوب التيمم بالتراب عند فقد الماء يتبادر إلى أذهانهم كونه بالكيفية التي عرفوها للمائية إلا أن تثبت المخالفة، فإنهم إذا سمعوا إذا فقد الماء فالجمد والثلج، وإذا فقد فالتراب، وإذا فقد فالغبار، يفهمون أن الكل بكيفية واحدة، كما إذا علموا أن الجمد المذاب بمنزلة الماء بعد فقده، والغبار بمنزلة التراب كذلك.
وبالجملة: يتبادر من أمثال هذه العبارات اتحاد الكيفية، ولذا صدر من عمار ما صدر مع أنه كان من أهل اللسان، ولذا تراهم لا يحتملون مغايرة كيفية تيمم