و (ثانيا) - أنه مع تسليم تعلق النهي بذلك فإنا لا نسلم الفساد إلا إذا كان النهي عن هذه الأشياء من حيث الصلاة، لأن النهي عن العبادة إنما يبطلها إذا توجه لها من حيث كونها عبادة، وأما لو توجه إليها باعتبار أمر خارج كما في ما نحن فيه فإنه في معنى النهي عن أمر خارج. ومدعي الابطال في الصورة المذكورة عليه البيان فإن المحال الذي رتبوه على الصحة في العبادة متى كانت منهيا عنها من حيث لزوم اجتماع الأمر والنهي في شئ واحد إنما هو في ما إذا اتحدت جهتا الأمر والنهي كما تقدم ذكره لا مع التعدد كما عرفت.
و (ثالثا) - أن ما ذكره في الفرق بين الصلاة والوضوء غير موجه ولا ظاهر، وذلك لأن المكان كما يطلق على ما يستقل عليه الانسان ويعتمد عليه كذلك يطلق على الفراغ الذي يشغله بدن الانسان كما عرفت في تعريفه الذي ذكروه في هذا المقام من أنه الذي يشغله بدن المصلي أو يعتمد عليه، وحينئذ فللقائل أن يقول كما أن القيام في الصلاة منهي عنه لأنه استقلال في المكان المنهي عن الاستقلال فيه كذلك حركات اليد في الوضوء في هذا الفراغ منهي عنها لأنها حركات في المكان المنهي عن الحركة فيه وإذا بطلت هذه الحركات المنهي عنها بطل الوضوء. وبذلك يظهر أنه لا فرق - لو ثبت ما ذكره - بين الصلاة والطهارة في المكان المغصوب.
و (رابعا) - ما ذكره في الذكرى من أن الأفعال المخصوصة من ضرورتها المكان فالأمر بها أمر بالكون مع أنه منهي عنه. أقول كأنه يشير بذلك إلى لزوم اجتماع الأمر والنهي في شئ واحد إلا أنك قد عرفت ما فيه من أنه مع تعدد جهتي الأمر والنهي فلا مانع من ذلك ولا محذور فيه.
وأما ما أطال به في الذخيرة في الرد عليه فمما لا طائل تحته متى أحطت خبرا بما ذكرناه من التحقيق في المقام.
وبالجملة فالمسألة لخلوها من النصوص لا تخلو من شوب الاشكال، والاعتماد على