فلا ريب في التحريم في ظاهر الأصحاب بل الظاهر أنه لا خلاف فيه، وقد صرح جملة منهم بفساد الصلاة أيضا والظاهر أن وجهه عندهم من حيث إن الطريق ملك للمسلمين يتطرقون فيها فالتصرف فيها على وجه يوجب رفع حقهم محرم البتة.
بقي الكلام هنا في الحكم بفساد العبادة وهو بناء على المشهور من حمل النهي على الكراهة لا يخلو من اشكال، نعم لو قلنا بظاهر ما دلت عليه هذه الأخبار من حمل النهي فيها على التحريم اتجه الأمران معا لزم من ذلك تعطيل المارة أم لا.
هذا كله في الطرق النافدة أما الطرق المرفوعة فلا اشكال في التحريم فيه لأنها ملك لأرباب البيوت التي تنفذ إليها.
ومنها - السبخة بفتح الباء وإذا كانت نعتا للأرض كقولك " الأرض السبخة " فهي بكسر الباء كذا نقل عن الخليل في كتاب العين، وقال في الروض بعد قول المصنف " وأرض السبخة " ما صورته: بفتح الباء واحدة السباخ وهو الشئ الذي يعلو الأرض كالملح ويجوز كون السبخة بكسر الباء وهي الأرض ذات السباخ فتكون إضافة الأرض إليها من باب إضافة الموصوف إلى صفته كمسجد الجامع والظاهر أن ما ذكره الخليل أقرب ومن الأخبار في ذلك زيادة على الخبر المتقدم في صدر المسألة موثقة أبي بصير عن أبي عبد الله (عليه السلام) (1) قال: " سألته عن الصلاة في السبخة لم تكرهه؟ قال لأن الجبهة لا تقع مستوية. فقلت إن كان فيها أرض مستوية؟ فقال لا بأس ".
وموثقة سماعة (2) قال: " سألته عن الصلاة في السباخ فقال لا بأس " وصحيحة الحلبي (3) وفيها " قال وكره الصلاة في السبخة إلا أن يكون مكانا لينا تقع عليه الجبهة مستوية ".
وروى في العلل عن داود بن الحصين بن السري (4) قال: " قلت لأبي عبد الله (عليه السلام) لم حرم الله تعالى الصلاة في السبخة؟ قال لأن الجبهة لا تتمكن عليها ".
وحملها الأصحاب على الكراهة جمعا، وقد تقدم في الموضع الرابع نقل روايتي