فإنه لا مخلص من هذه الاشكالات وكثرة هذه الاحتمالات إلا بحمل الروايات المذكورة على التقية كما ذكرناه. والله العالم.
(المسألة التاسعة) - الأظهر عندي عدم دخول فضلات الانسان من شعره وريقه وعرقه ونحوها في حكم فضلات غير مأكول اللحم وإن صدق عليه أنه غير مأكول اللحم، وكذا فضلة غير ذي النفس السائلة فإنها غير داخلة أيضا.
وبيان ذلك أما بالنسبة إلى فضلات الانسان (فأولا) - لا يخفى أن المتبادر من غير مأكول اللحم في تلك الأخبار المقابل - في كثير منها كموثقة ابن بكير وغيرها - بمأكول اللحم إنما هو ما كان من سائر الحيوانات ذي النفس السائلة التي وقع ذكر جملة منها بالتفصيل في تلك الأخبار من الخز والسنجاب والفنك ونحوها مما تقدم، وبعض الأخبار قد اشتمل على هذا العنوان وبعضها قد اشتمل على حيوانات معدودة وبعضها قد اشتمل على الأمرين، وحينئذ فيحمل مطلقها على مقيدها ومجملها على مفصلها، وبالجملة فإن الانسان وإن صدق عليه هذا العنوان لكن مرمى هذه العبارة في الأخبار والمتبادر منها بتقريب ما ذكرنا إنما هو ما عداه من تلك الحيوانات التي جرت العادة باتخاذ الجلود منها والأشعار والأوبار والانتفاع بها في سائر وجوه المنافع.
و (ثانيا) - ما رواه علي بن الريان في الصحيح (1) قال: " كتبت إلى أبي الحسن (عليه السلام) أسأله هل يجوز الصلاة في ثوب يكون فيه شعر من شعر الانسان وأظفاره ثم يقوم إلى الصلاة من قبل أن ينفضه ويلقيه عنه؟ فوقع يجوز " وصحيحته الأخرى (2) قال: " سألت أبا الحسن الثالث (عليه السلام) عن الرجل يأخذ من شعره وأظفاره ثم يقوم إلى الصلاة من غير أن ينفضه من ثوبه؟ قال لا بأس " والأولى شاملة لشعر الانسان نفسه وأظفاره أو شعر غيره وأظفاره والثانية في شعر نفسه فقط، ومنه يفهم غيرهما من الفضلات إذ العلة واحدة. ويعضد ذلك ما رواه في كتاب قرب الإسناد