ومن أخبار المسألة صحيحة محمد بن مسلم (1) قال: " سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن الصلاة في السفر؟ فقال لا تصل على الجادة واعتزل على جانبيها ".
وصحيحة الحلبي عن أبي عبد الله (عليه السلام) (2) قال: " سألته عن الصلاة في ظهر الطريق؟ فقال لا بأس بأن تصلي في الظواهر التي بين الجواد وأما على الجواد فلا تصل فيها ".
وصحيحة معاوية بن عمار عن أبي عبد الله (عليه السلام) (3) قال: " لا بأس أن يصلى بين الظواهر وهي الجواد جواد الطريق ويكره أن يصلى في الجواد ".
وموثقة الحسن بن الجهم عن أبي الحسن الرضا (عليه السلام) (4) قال: " كل طريق يوطأ فلا تصل عليه ".
ورواية محمد بن الفضيل عن الرضا (عليه السلام) (5) قال: " كل طريق يوطأ ويتطرق كانت فيه جادة أو لم تكن فلا ينبغي الصلاة فيه ".
ومن هذين الخبرين يعلم تعميم الحكم للطريق مطلقا وإن لم يكن جادة، ومنهم من خص الحكم بالجواد وهي العظمى من الطرق التي يكثر سلوكها.
وأنت خبير بأنه لولا اعتضاده القول بالكراهة بالشهرة بين الأصحاب لكان القول بما نسب إلى الصدوق والمفيد من التحريم في غاية القوة، فإن جل الأخبار مصرحة بالنهي الذي هو حقيقة في التحريم، وغاية ما ربما يتمسك به للقول بالكراهة قوله (عليه السلام) في صحيحة معاوية بن عمار: " ويكره أن يصلى في الجواد " وقوله (عليه السلام) في رواية محمد بن الفضيل: " فلا ينبغي " وورود هذين اللفظين بمعنى التحريم في الأخبار أكثر كثير كما تقدم التنبيه عليه في غير موضع.
ثم الظاهر أنه لا فرق في الكراهة بين أن تكون الطريق مشغولة بالمارة وقت الصلاة أم لا لعموم الأخبار، وأما لو استلزمت الصلاة تعطيل المارة ومنعهم عن المرور