(الموضع الثالث) - الظاهر أنه لا خلاف بين الأصحاب (رضوان الله عليهم) في أنه إذا سمع الإمام أذان مؤذن جاز له أن يجتزئ به في الجماعة.
ويدل عليه من الأخبار ما رواه الشيخ في الصحيح عن ابن سنان عن أبي عبد الله (عليه السلام) (1) قال: " إذا أذن مؤذن فنقص الأذان وأنت تريد أن تصلي بأذانه فأتم ما نقص هو من أذانه ".
وعن أبي مريم الأنصاري (2) قال: " صلى بنا أبو جعفر (عليه السلام) في قميص بلا إزار ولا رداء ولا أذان ولا إقامة فلما انصرف قلنا له عافاك الله صليت بنا في قميص بلا إزار ولا رداء ولا أذان ولا إقامة؟ فقال إن قميصي كثيف فهو يجزئ أن لا يكون علي إزار ولا رداء، وإني مررت بجعفر وهو يؤذن ويقيم فلم أتكلم فأجزأني ذلك " وعن عمرو بن خالد عن أبي جعفر (عليه السلام) (3) قال: " كنا معه فسمع إقامة جاز له بالصلاة فقال قوموا فقمنا فصلينا معه بغير أذان ولا إقامة وقال يجزئكم أذان جاركم ".
بقي الكلام هنا في مواضع: (الأول) اطلاق النص والفتوى يقتضي أنه لا فرق في المؤذن بين كونه مؤذن مصر أو مسجد أو منفردا، وخصه شيخنا الشهيد الثاني في المسالك بالأولين ومنع من الاجتزاء بأذان المنفرد. وأنت خبير بأنه لا يظهر لهذا التخصيص وجه بل لو ادعى عليه العكس لكان أظهر فإن الظاهر من الخبرين المذكورين كون كل من المؤذن والمقيم منفردا.
(الثاني) - قال في المدرك: الظاهر أنه لا فرق في هذا الحكم بين الإمام والمنفرد وإن كان المفروض في عبارات الأصحاب اجتزاء الإمام، لأنه إذا ثبت اجتزاء الإمام بسماع الأذان فالمنفرد أولى. انتهى.