السلام) لفظ المسجد عليه يومئذ انسحاب أحكام المساجد العامة إليه فكثر السؤال عن تغييره وتبديله وجعله حشا ونحو ذلك، فأجابوا (عليهم السلام) بنفي البأس ايذانا بأنه ليس بمسجد حقيقة ولا يترتب عليه شئ من أحكام المسجدية بالكلية وإنما هو موضع اتخذ لذلك لقصد الفراغ والخلوة والتوجه للاقبال على العبادة ومتى أراد صاحبه تغييره غيره إلى ما يريده ولا وجه لذكر الوقف هنا بالكلية ولو سلمنا اشتراطه في المساجد العامة لما عرفت من الغرض والسبب فيه، ولكنهم (رضوان الله عليهم) بتدقيق أنظارهم يتكلفون أشياء لا ضرورة لها ولا دليل عليها كما عرفت من تكلفهم اشتراط الوقفية في المساجد العامة. وبالجملة فإنه ليس الفرق بين هذا المكان المسمى مسجدا وبين المساجد العامة إلا باعتبار قصد بنائها لعامة الناس لأجل العبادة وتسبيلها لهم وقصد القربة في ذلك بخلاف هذه فإنه لا يعتبر فيها أزيد مما ذكرناه. والله العالم.
(المسألة الثالثة) - المشهور في كلام الأصحاب (رضوان الله عليهم) أن من سبق إلى مكان من المسجد أو المشهد فهو أولى به ما دام باقيا فيه، فلو فارقه ولو لحاجة كتجديد طهارة وإزالة نجاسة بطل حقه وإن كان ناويا للعود إلا أن يكون رحله مثل شئ من أمتعته ولو سبحة ونحوها باقيا فيه، وقيده الشهيد (قدس سره) مع ذلك بنية العود وهو جيد فلو فارق لا بنيته سقط حقه وإن كان رحله باقيا، واحتمل الشهيد الثاني بقاء الحق حينئذ لاطلاق النص والفتوى، ثم تردد على تقدير سقوط حقه في جواز رفع الرحل وعدمه وعلى تقدير الجواز في الضمان وعدمه، ثم قال وعلى تقدير بقاء الحق لبقائه أو بقاء رحله فإن أزعجه مزعج فلا شبهة في إثمه وهل يصير أولى بعد ذلك؟ يحتمله لسقوط حق الأول بالمفارقة وعدمه للنهي فلا يترتب عليه حق، ويتفرع على ذلك صحة صلاة الثاني وعدمها.
واشترط الشهيد في الذكرى في بقاء حقه مع بقاء الرحل أن لا يطول المكث، وفي التذكرة استقرب بقاء الحق مع المفارقة لعذر كإجابة داع وتجديد وضوء وقضاء حاجة وإن لم يكن له رحل قالوا ولو استبق اثنان دفعة إلى مكان واحد ولم يمكن الجمع بينهما أقرع،